وأخرج الواحدي عن عبد الله بن عمر قال : أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأس شاة ، فقال : إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا ، فبعث به إليه ، فلم يزل يبعث واحد إلى آخر ، حتى تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى أولئك ، فنزلت : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ، وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) الآية.
المناسبة :
بعد بيان ما حل ببني النضير في الدنيا من تخريب بيوتهم ، وتحريق نخيلهم وتقطيعها ، ثم إجلائهم إلى الشام ، ثم الإخبار عن عذابهم في الآخرة ، ذكر الله تعالى حكم الأموال التي أخذت منهم ، فهي فيء ، ثم ذكر تعالى حكم الفيء بصفة عامة ، لبيان الفرق بين الغنيمة التي تؤخذ بقتال ، والفيء الذي يؤخذ صلحا بغير قتال.
وإنما أخذت أموال بني النضير بغير قتال يذكر ، بالرغم من حصارهم ، لأنه لم يكن للمسلمين يومئذ كثير خيل ولا ركاب ، ولم يقطعوا إليها مسافة كثيرة ، وإنما كانوا على ميلين من المدينة ، فمشوا إليها مشيا ، ولم يركب إلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان راكب جمل ، فلما كانت المقاتلة قليلة ، ولم يكن خيل ولا ركاب ، أجراه الله تعالى مجرى ما لم يحصل فيه قتال أصلا ، وخص رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتلك الأموال ، فقسمها بين المهاجرين ، ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة ، وهم أبو دجانة وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصّمة.
التفسير والبيان :
(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ، فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) أي ما ردّه الله تعالى على رسوله صلىاللهعليهوسلم وصيّره إليه من أموال الكفار بني النضير ، فهو للرسول صلىاللهعليهوسلم ، لأنه لم يحصل فيه قتال ولا حرب ولا تجشم مشقة ، ولم