(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ، فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى ، وَالْمَساكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ) ففي هذه الآية بيان مصارف الفيء بعد الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهو أن كل ما رده الله على رسوله صلىاللهعليهوسلم من كفار أهل القرى ، كقريظة والنضير وفدك وخيبر ، صلحا من غير قتال ، ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، يحكم به الله بما يشاء ، ثم يكون ملكا للرسول صلىاللهعليهوسلم في حياته ، ثم في مصالح المسلمين من بعده ، فينفق منه على قرابة النبي صلىاللهعليهوسلم وهم بنو هاشم وبنو المطلب الممنوعون من أخذ الصدقة أو الزكاة ، فجعل لهم حقا في الفيء.
كما ينفق منه على اليتامى وهم الصغار الذين مات آباؤهم قبل البلوغ ، والمساكين الفقراء ذوي الحاجة والبؤس ، وأبناء السبيل المنقطعين في أثناء السفر ، وهم الغرباء الذين نفدت نفقتهم في سفرهم.
فيكون الفيء مقسوما خمسة أقسام : سهم الله تعالى والرسول صلىاللهعليهوسلم ، هو للرسول صلىاللهعليهوسلم في حياته ، ثم يصرف على مصالح المسلمين بعد وفاته ، وسهم ذوي القربى أقارب الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وسهم اليتامى ، وسهم المساكين ، وسهم ابن السبيل ، والأربعة أخماس الباقية لمصالح المسلمين العامة.
أما الغنيمة : فيصرف خمسها لهؤلاء الخمسة المذكورين في هذه الآية وآية الغنائم : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ..) والأربعة أخماس الباقية للمقاتلين الذين حضروا المعركة.
وعلة هذا التقسيم ما قال الله تعالى :
(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) أي حكمنا بهذه القسمة بين هؤلاء المذكورين ، لئلا يكون تداول الأموال محصورا بين الأغنياء ، ولا يصيب الفقراء منه شيء ، فيغلب الأغنياء الفقراء ، ويقسمونه بينهم. وهذا مبدأ إغناء الجميع ، وتحقيق السيولة للكل.