(جُدُرٍ) حيطان وأسوار ، جمع جدار ، وذلك لفرط رهبتهم. (بَأْسُهُمْ) حربهم ، فإنه يشتد بأسهم إذا حارب بعضهم بعضا ، وليس ذلك لضعفهم وجبنهم ، بل لقذف الله الرعب في قلوبهم. (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) تظنهم مجتمعين متفقين. (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) متفرقة لافتراق عقائدهم ، واختلاف مقاصدهم ، جمع شتيت. (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) ما فيه صلاحهم.
(كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) مثل اليهود لا سيما يهود بني النضير كالمشركين الذين قتلوا وعذبوا في معركة بدر ، أو كالمهلكين من الأمم الماضية. (قَرِيباً) في زمان قريب. (ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) سوء عاقبة كفرهم في الدنيا من القتل وغيره. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) عذاب مؤلم في الآخرة. (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ) أي مثل المنافقين في إغراء اليهود على القتال كمثل الشيطان. (إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ : اكْفُرْ) أي أغراه على الكفر إغراء الآمر المأمور. (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) تبرأ منه مخافة أن يشاركه في العذاب ، ولم ينفعه ذلك. والمراد بالإنسان : الجنس ، فيشمل أبا جهل الذي قال له إبليس يوم بدر : (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ ، وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) الآية [الأنفال ٨ / ٤٨]. (إِنِّي أَخافُ اللهَ ..) كذبا منه ورياء. (فَكانَ عاقِبَتَهُما) أي الغاوي والمغوي. (الظَّالِمِينَ) الكافرين.
سبب النزول :
نزول الآية (١١):
(أَلَمْ تَرَ ..) : أخرج ابن أبي حاتم عن السّدّي قال : أسلم ناس من أهل قريظة ، وكان فيهم منافقون ، وكانوا يقولون لأهل النضير : (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ) ، فنزلت هذه الآية فيهم : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ).
وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو نعيم عن ابن عباس : أن الآية نزلت في عبد الله بن أبي ورفاعة بن زيد ، وعبد الله بن نبتل وقوم من منافقي أهل المدينة كانوا بعثوا إلى بني النضير بما تضمنته الآيات.
المناسبة :
بعد بيان مصير يهود بني النضير ، وحكم مصارف الفيء الذي يشمل أموال