والخنازير وعبدة الطاغوت أتشتموني إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن فقال والله يا أبا القاسم ما كنت جهولاً فاستحيا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم حتّى سقط الرداء من ظهره حياء ممّا قاله وكان حول الحصن نخل كثير فأشار إليه رسول الله بيده فتباعد عنه وتفرّق في المفازة وأنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله العسكر حول حصنهم فحاصرهم ثلاثة أيّام فلم يطلع أحد منهم رأسه فلمّا كان بعد ثلاثة أيّام نزل إليه غزال بن شمول فقال يا محمّد تعطينا ما أعطيت إخواننا من بني النضير احقن دماءنا ونخلّي لك البلاد وما فيها ولا نكتمك شيئاً فقال لا أو تنزلون على حكمي فرجع وبقوا أيّاماً فبكى النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعاً شديداً فلمّا اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول الله فأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله بالرجال فكتّفوا وكانوا سبعمائة وأمر بالنساء فعزلوا وقامت الأوس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله حلفاؤنا وموالينا من دون الناس نصرونا على الخروج في المواطن كلّها وقد وهبت لعبد الله بن أبيّ سبعمائة ذراع وثلاث مائة حاسر في صبيحة واحدة وليس نحن بأقلّ من عبد الله بن أبيّ فلمّا أكثروا على رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لهم أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم فقالوا بلى ومن هو قال سعد بن معاذ قالوا قد رضينا بحكمه فأتوا به في محفّة (١) واجتمعت الأوس حوله يقولون له يا أبا عمرو اتّق الله وأحسن في حلفائك ومواليك فقد نصرونا ببغاث والحدائق والمواطن كلّها فلمّا أكثروا عليه قال لقد آن لسعد أن لا يأخذه في الله لومة لائم فقالت الأوس وا قوماه ذهبت والله بني قريظة آخر الدهر وبكى النساء والصبيان الى سعد فلمّا سكتوا قال لهم سعد يا معشر اليهود أرضيتم بحكمي فيكم قالوا بلى قد رضينا بحكمك والله قد رجونا نصفك ومعروفك وحسن نظرك فعاد عليهم القول فقالوا بلى يا أبا عمرو فالتفت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله إجلالاً له فقال له ما ترى بأبي أنت وأميّ يا رسول الله فقال احكم فيهم يا سعد فقد رضيت بحكمك فيهم فقال قد حكمت يا رسول الله إن تقتل رجالهم وتسبي نساؤهم وذراريهم وتقسم
__________________
(١) المحفة ـ بالكسر ـ : مركب للنساء كالهودج إلّا أنّها لا تقبّب.