غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال قد حكمت بحكم الله عزّ وجلّ فوق سبعة أرقعة ثمّ انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزفه الدم حتّى قضى وساقوا الأسارى إلى المدينة فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بأخدود فحفرت بالبقيع فلمّا أمسى أمر بإخراج رجل رجل فكان يضرب عنقه فقال حيّ بن أخطب لكعب بن أسيد ما ترى يصنع بهم فقال له ما يسؤك أما ترى الداعي لا يطلع والذي يذهب لا يرجع فعليكم بالصبر والثبات على دينكم فأخرج كعب بن أسيد مجموعة يده إلى عنقه وكان جميلاً وسيماً فلمّا نظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال له يا كعب أما نفعك وصيّة ابن لجواس الحبر الذكيّ الذي قدم عليكم من الشام فقال تركت الخمر والخمير وجئت الى البؤس والتّمور لنبيّ يبعث مخرجه بمكّة ومهاجره في هذه البحيرة يجترني بالكسيرات والتميرات ويركب الحمار العريّ في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوّة يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى منكم يبلغ سلطانه منقطع الخفّ والحافر فقال قد كان ذلك يا محمّد ولو لا انّ اليهود يعيّروني إنّي جزعت عند القتل لآمنت بك وصدّقتك ولكنّي على دين اليهود عليه أحيى وعليه أموت فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله قدّموه فاضربوا عنقه فضربت ثمّ قدّم حيّ بن أخطب فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله يا فاسق كيف رأيت صنع الله بك فقال والله يا محمّد ما ألوم نفسي في عداوتك ولقد قلقلت كلّ مقلقل وجهدت كلّ الجهد ولكن من يخذله الله يخذل ثمّ قال حين قدم للقتل لعمري ما لام ابن أخطب نفسه ولكنّه من يخذله الله يخذل فقدم فضرب عنقه فقتلهم رسول الله صلّى الله عليه وآله في البردين (١) بالغداة والعشيّ في ثلاثة أيّام وكان يقول اسقوهم العذب وأطعموهم الطّيب وأحسنوا أساراهم حتّى قتلهم كلّهم فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله فيهم وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ الآية اي من حصُونهم.
(٢٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا السعة والتنعمّ فيها وَزِينَتَها وزخارفها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ أعطكنّ المتعة وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً طلاقاً من غير ضرار وبدعة برغبة.
__________________
(١). الأبردان : الغداة والعشي.