فلمّا دخلا إليه قال لهما صاحبهما ما الّذي جئتماني به قالا جئنا ندعوه إلى عبادة الله الذي خلق السماوات والأرض ويخلق في الأرحام ما يشاء ويصوّر كيف يشاء وأنبت الأشجار والثمار وانزل القطر من السّماء قال فقال لهما إلهكما هذا الذي تدعوان إليه وإلى عبادته ان جئنا بأعمى أيقدر أن يردّه صحيحاً قالا ان سألناه أن يفعل فعل إن شاء قال : أيّها الملك عليّ بأعمى لم يبصر شيئاً قط قال فاتي به فقال لهما ادعوا الهكما ان يردّ بصر هذا فقاما وصليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان وهو ينظر إلى السّماء فقال أيّها الملك عليَّ بأعمى آخر فأتي به قال فسجد سجدة ثمّ رفع رأسه فإذا الأعمى يبصر فقال أيّها الملك حجّة بحجّة عليّ بمقعدٍ فأتِي به فقال لهما مثل ذلك فصلّيا ودَعَوا الله فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه وقام يمشي فقال أيّها الملك عليّ بمُقعد آخر فأتى به فصنع به كما صنع أوّل مرّة فانطلق المُقعد فقال ايُّها الملك قد أتيا بحجّتين وأتينا بمثلهما ولكن بقي شيء واحد فان كان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما ثمّ قال أيّها الملك بلغني انّه كان للملك ابن واحد ومات فان أحياه الهما دخلت معهما في دينهما فقال له الملك وانا أيضاً معك ثمّ قال لهما قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا إلهكما ان يحييه قال فخرّا ساجدين لله عزّ وجلّ وأطالا السجود ثمّ رفعا رؤوسهما وقالا للملك ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله قال فخرج النّاس ينظرون فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب قال فأتِيَ به الملك فعرف انّه ابنه فقال ما حالك يا بنيّ قال كنت ميّتاً فرأيت رجلين بين يدي ربّي الساعة ساجدين يسألانه ان يحييني فأحياني قال يا بنيّ تعرفهما إذا رأيتهما قال نعم قال فاخرج النّاس جملة الى الصحراء فكان يمرّ عليه رجل رجل فيقول له أبوه انظر فيقول لا ثمّ مرّوا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال هذا أحدهما وأشار بيده إليه ثمّ مرّوا أيضاً بقوم كثيرين حتّى رأى صاحبه الآخر فقال وهذا الآخر قال فقال النبيّ عليه السلام صاحب الرجلين امّا انا فقد آمنت بالهكما وعلمت انّ ما جئتما به هو الحقّ قال فقال الملك وانا ايضاً آمنت بإلهكما وآمن أهل مملكته كلّهم.
وفي المجمع قال وهب بن منبه : بعث عيسى هذين الرّسولين الى أنطاكية فأتياها