وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال : أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقال إنّ ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا فادْعه ومُرْه فليكُفّ عن آلهتنا ونكفّ عن الهه قال فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فدعاه فلمّا دخل النبيّ صلّى الله عليه وآله لم ير في البيت الّا مشركاً فقال السلام على من اتّبع الهدى ثمّ جلس فخبّره أبو طالب بما جاءوا له فقال أوهل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطئون أعناقهم فقال أبو جهل نعم وما هذه الكلمة قال تقولون لا إله إلّا الله قال فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هُرّاباً وهم يقولون ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ فأنزل الله في قولهم ص وَالْقُرْآنِ إلى قوله إِلَّا اخْتِلاقٌ.
(٨) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا إنكار لاختصاصه بالوحي وهو مثلهم أو أدون منهم في الشرف والرياسة لقولهم لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ وأمثال ذلك دليل على أنّ مبدأ تكذيبهم لم يكن الّا الحسد وقصور النظر على الحطام الدنيوي بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي في القرآن والوحي لميلهم الى التقليد واعراضهم عن الدليل بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ بل لم يذوقوا عذابي بعد فإذا ذاقوه زال شكّهم والمعنى أنَّهم لا يصدّقون به حتّى يمسّهم العذاب فيلجئهم الى تصديقه.
(٩) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ بل أعندهم خزائن رحمته وفي تصرّفهم حتّى يصيبوا بها من شاءوا ويصرفوها عمّن شاءوا فيتخيّروا للنبوّة بعض صناديدهم يعني أنّ النبوّة عطيّة من الله يتفضّل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فانّه الْعَزِيزِ الغالب الذي لا يغلب الْوَهَّابِ الذي له ان يهب كلّ ما يشاء لمن يشاء.
(١٠) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ام لهم مدخل في هذا العالم الذي هو جزء يسير من خزائنه فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ أي ان كان لهم ذلك فليصعدوا في المعارج التي يتوصل بها إلى العرش حتّى يستووا عليه ويدبّروا امر العالم فينزلوا الوحي الى من يستصوبون وهو غاية التّهكّم لهم وقيل أريد بالأسباب السماوات لأنّها أسباب الحوادث السّفليّة.