وحبلا من الناس إذ لم يحرض على طعام المسكين : لا خير فيه لنفسه ولا لسواه فأصبح صفر اليدين عما يفلح الإنسان يوم الدين ، لا ايمان بالله ينجيه ، ولا رحمة على عبادة تغنيه ، إذ تركهما إلى الاضداد ، فأصبح أسيره بما قدم.
(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) (إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً. جَزاءً وِفاقاً) (٧٨ : ٢٥) والا (شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ) (١٠ : ٤) و (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) (٢٢ : ١٩) (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) (٢٧ : ٦٧) (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) الا ما يحمّه من عذاب أليم ، فهو يستحم في الجحيم ، رغم ما كان له يوم الدنيا ، فحميمه ينقلب عليه عدوا : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٤٣ : ٦٧) ولو بقي له حميم ، ف (لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) (٧٠ : ١٠) ، فالذي كان يحم له ويستحم يوم الدنيا ، سوف يبرد عليه يوم الدين ، ولأن حمّه كان على غير هدى ولا تقوى ، وانما على ضلال وطغوى ، فيوم تبلى السرائر وتنكشف الضمائر وتستقر الحقائق ، في هذا اليوم العصيب تتبدل هنا الحمّ الخاطئ إلى برودة ، كأنهم لا يعرف بعضهم بعضا ، اللهم إلا عداء وبغضا!.
(وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) وهو من الضريع الذي يضرعه ويعذبه ، بدل ان يلذه ويشبعه ، والغسلين : غسالة أهل الجحيم من قيح وصديد ، وهو يلائم قلبه المقلوب الخاوي من الإيمان بالله ومن الرحمة لعباد الله (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) : خطأ معمدا معاندا.
(فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)(٥٢)
(فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ. وَما لا تُبْصِرُونَ) اللّاقسم هنا عام يشمل