والقرآن يذكر السائل هنا والسائلين : (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ (١) فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ. وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٨ : ٣٢) (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) (٣٨ : ١٦) (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) (٢٦ : ٢٠٤).
وقد يكون السائل في المعارج غير السائلين في سواها كيانا وسببا ، وقد يكون منهم ، ولكنه عجل قطّه : نصيبه بسؤاله ، قبل يوم الحساب ، والباقون أجلوا ليوم الحساب ، عله لكون الرسول أمانا ما دام فيهم أو يستغفرون ، أو لأنهم استغفروا ، وانما أصيب واحد منهم ذكرى لهم لعلهم يحذرون.
وعلى السؤال لم يكن ليختص بهامة الغدير ، فقبلها هامات أتم وأعم ، كالأصول الإسلامية التي كانوا ينكرونها ، إذا فالروايات المفسرة لها بقصة الغدير هي من باب الجري والتطبيق ، أو أنها من ضمن ما سألوا له العذاب ، كما تظافرت به الروايات.
ثم السائل هنا ـ الذي أبهم عن اسمه ـ انما سأل العذاب الواقع تحديا على الحق وعلى وقوع العذاب ، توهينا للرسالة والمرسل ، فلقد كانت الحقائق الإسلامية عسيرة الإدراك والتصديق على من عاشوا الخرافات والأساطير والهرطقات ، وقد لقيت منهم معارضة نفسية عميقة ، فكانوا يتسمعونها بكل دهشة واستغراب ، وينكرونها أشد الإنكار ، متحدين الرسول بألوان التحديات ولو تعرضوا للخطر ، كهذا السائل الغبي! :
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ) : إنه سأل ما لم يكن بحاجة الى سئوال لأنه واقع للكافرين والسائل منهم.
(بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) : واقع للكافرين ليس له دافع من الله ،