للكافرين فقط ليس له دافع ، واما غيرهم فلهم دوافع عنه من توبة وغفران وشفاعة واضرابها من دوافع العذاب.
(مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) : سأل من الله ، بعذاب من الله ، ليس له دافع من الله (ذِي الْمَعارِجِ) الذي له معارج الرحمة ومعارج العذاب ، يعرج خلقه في أيّ منهما يوم الدنيا ويوم الدين ، ولكنما الأغبر الغبي يسأل العذاب ، لأنه في تباب ، وذاته تباب ، وكيانه عذاب.
وان حق المعارج لله هو معارج الرحمة ومعارج الحساب :
(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) : فما هذا اليوم؟ هل هو يوم القيامة؟ فلا نهاية له! أم هو يوم من أيامها؟ فما هي تلكم الأيام؟ أم من أيام الدنيا ، فهذا خرق لنظام الكون! ولا تعرج الملائكة والروح عن مناصبهم الى الله والدنيا قائمة ، وانما ذلك ليوم الدين إذ تقطعت الأسباب وقضي الأمر ورجعت الكائنات كلها الى الله كما بدأت.
ان اليوم حسب القرآن ـ وفي وجهة عامة ـ يعنى منه مطلق الزمان ، من واحد الزمان كما نعرف وفوق ما نعرف ، ومن مجموعة الزمان ، وبينهما متوسطات.
فمن واحد الزمان إلهيّا ما فيه شأن الخلق من الله العلي القدير : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٥٥ : ٢٩) يعنى كل آن ليس فوقه آن ، فان الشأن الإلهي لا يخلو منه أقل آن ، فلا بد أن يعنى هنا بالآن أقل الآنات في حساب الله.
ومنه اليوم النهار مقابل الليل : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) (٦٩ : ٨) (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (٢ : ١٨٥).