قياسا إلى ما مضى ، ومجهول لأنه في علم الغيب قياسا إلى ما يأتي : أبعد سنة أو آلاف أو ملايين؟ لا ندري.
وإذا كانت الساعة قريبة فهي تسلي النبي في صبره الجميل على الأذي ، إذ يرى من هنا كيف يجب على مناوئيه أن يصبروا على اللظى (نَزَّاعَةً لِلشَّوى. تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى).
فأمره بالصبر ، وقرنه بقرب الساعة ، هما تثبيت لقلبه المنير على ما يلقى من عنت المناوآت ، فهو ضروري لثقل العبء ووعثاء السفر وبعد الطريق وغور النضال ، حفظا لهذه النفوس النفيسة وجعلها متماسكة راضية ، متمسكة بحبل من الله ، موصولة بالهدف البعيد ، متطلعة إلى أبعد الآفاق.
ومن مشاهد هذا اليوم الرهيب العصيب في أغوار النفس ومجالي الكون أنه : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ. وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) هذه الحرب المعلة الشعواء تجعل من السماء مهلا ومن الجبال عنها ، ما يبرهن على انهزام تام للكون أجمع! تحت رحمة الواقعة القارعة والطامة الكبرى ، ويومئذ يتذكر الإنسان ما سعى.
والمهل هو دردي الزيت المغلي وهو (كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ : فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (٥٥ : ٣٧) وهو المهل بعينه ، وعلّ منه عكر القطران والفضة المذابة ، فالمهل ـ أيا كان ـ لا يمهل ولا يهمل وإنما يغلى ويغلي ، وهذه من الحالات المستقبلة للسماء ذات الرجع ، وعلّه إلى حالتها الأولى الدخانية.
ومن المهل المعادن المذابة ، فهل الأجرام السماوية مؤلفة من معادن منصهرة إلى الدرجة الغازية الدخانية ، وعلى حد تعبير علماء الطبيعة والفلك؟ فترجع إلى نفس الحالة في رجعها ، أم إن السماء كلها مخلوقة من غازات أولية ، مهما انقلبت