أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٤٢ : ١٣) (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ...) (٤ : ١٦٢).
واصحاب الشرائع الخمس هم اولوا العزم من الرسل : عزم لهم في استقلال شرائعهم وثباتها إلى شريعة أخرى تنسخها تكميلا لها : بعثوا إلى شرق الأرض وغربها وجنها وأنسها (١) وعزم لهم في سبقهم الأنبياء إلى الإقرار بالله (٢) وثباتهم على عهد الله المعهود إليهم : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٢٠ : ١١٥) وعزم لهم في الصبر على ووعثاء السفر واتعاب السفارة الإلهية : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) (٤٦ : ٣٥) فقد عزموا على الصبر مع التكذيب لهم والذي (٣) فهم «الذين دارت عليهم الرحى» (٤) رحى الوحي بشرائع الدين.
فهم عظماء ثابتون في عزمهم في أنفسهم وعهودهم وشرائعهم وكتبهم ، وليس منهم آدم وإدريس قطعا ، فلم يحملا إذا شريعة من الدين ، وانما احكاما عقلية مؤيدة بوحي النبوة ، فشرائع الدين بحملتها الأصول ، ودعاتها الفروع : النبيين الأتباع ، إنها ابتدأت بنوح بعد ما كان الناس أمة واحدة في الضلالة ، ولانقطاع دعوة النبيين عنهم ، عائشين في الفترة بين إدريس ونوح ، كما بين آدم وإدريس : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢ : ٢١٣) (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١٠ : ١٩).
__________________
(١) ج ١١ بحار الأنوار ص ٣٣ ح ٢٥ وح ٦١ عن الصادق (ع).
(٢ ، ٣). ج ١١ بحار الأنوار ح ٣٠ عن الباقر (ع).
(٢ ، ٣). ج ١١ بحار الأنوار ح ٣٠ عن الباقر (ع).
(٤) كما في أحاديث عدة.