داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (٤٦ : ٣١) وفيما يوحي بالغفر العام فهو بين مخصّص بهذه الآيات ، وخاص بالذنوب وهي الصغائر المكفرة بالإيمان وبترك الكبائر ، ومذكور فيه بواعث الغفران فيحدد بحدودها كما توحيه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٦١ : ١٣).
(وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : وهو المحتوم الثابت الذي لا يؤخر ، وقبله الأجل المعلق على بواعث وحوادث للموت ، سواء من صاحب الأجل. مخيرا أم مسيرا ، ام من غيره ، ام من الله ، وكل من الله دون منافاة لخيرة الخلق.
والتأخير عن الأجل المعلق ببواعثها إلى الأجل المسمى المحتوم قد يكون نعمة ليكسب صاحبه فيها مزيدا من الإيمان والعمل الصالح ، كما هنا ، جزاء الحسنى بالحسنى ، وكما في آيات تترى : (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (١١ : ٣) (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (١٤ : ١٠).
وقد يكون نقمة لا تكسب إلا إثما وعذابا مهينا : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٣ : ١٧٨).
كما ان من التعجيل عن الأجل المسمى نعمة كمن يقتل في سبيل الله ، ومن يعجل في موته كيلا يفوت عنه ما حصل من صالح ، ولا يكسب في المستقبل ما يخسره من طالح.
(إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : وهذا التعليل يحمل بشارة وإنذارا ، بشارة لمن آمن فيؤخر إلى الأجل المسمى ليكمل ، وليس بمؤخره لولا إرادة الله ، فان اجل الله لا يؤخر ، لا محتومه إطلاقا ، ولا معلقه إذا جاء ، فلا مؤخر له إلا الله ، وليس هو بمؤخره رحمة إلا لمن تاب وآمن. ويحمل