اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) (١١ : ٥٢).
وإرسال السماء مدرارا لا يخص ماءه المدرارا المكثار ، إنما بركات السماء ككل ، من نور شمسها وحرارتها ورياحها وأشباهها.
والإمداد بالأموال والبنين ليس دائما إلى خير ، فمن الأموال ما لا تمدّ وإنما تمد في خسار وبوار ، ومن البنين من لا يمدون إلا في غي وطغيان ، ومنهما ما يضر دينا ودنيا ، فالإمداد الموعود فيهما هو الذي يأخذ بيد الإنسان إلى صالح النشأتين ، ويدفع عنه تبابهما.
«فرحم الله امرءا استقبل توبته واستقال خطيئته وبادر منيته» (١).
وأكمل الاستغفار ـ على حد تعريف أمير المؤمنين عليه السلام إنه «درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان : أو لها الندم على ما مضى والثاني العزم على عدم الرجوع اليه أبدا والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله عز وجل أملس ليس عليك تبعة والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول : استغفر الله».
(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) : وأصل الوقار ثبوت ما يكون به الشيء عظيما ، من الحلم والعلم اللذين يؤمن معهما الخرق والجهل ، ومن القدرة التي تؤمن عن العجز ، وأشباهها التي تثقل الكائن وتخرجه عن الخفة ، وبصيغة أخرى العظمة المطلقة.
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٢٣ عن نهج البلاغة بعد قوله (ع) وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سببا لدرور الرزق ورحمة الخلق (مستشهدا بالآية) ...