والرجاء ظن يقتضي حصول ما فيه من المسرة ، وكذلك هو خوف عما يؤهل المخافة ، فأنتم أنتم الأوغاد المناكيد ما لكم : تقطعون عن ربكم وحتى أمل الخير ، أمل الوقار والعظمة ، كمن يتأكد من ربه اللاوقار فيفر منه وممن يدعو اليه ، وإذا أنتم تعتقدون وقاره فلما ذا لا تخافونه ، رغم أن وقاره وعظمته ، تصميمه وحكمته ، عطفه ورحمته ، علمه وقدرته ، وكل مظاهر ألوهيته وربوبيته ، إنها ظاهرة في خلقه لكم وللكون كله لو أنتم تشعرون ، فهو الذي يجب رجاء وقاره وتوقيره : أن تخافوه لأنه الوقار كله ، والوقور يخاف لعدله وقدرته ، وأن تأملوا من وقاره خيرا ، فانه يؤمل فضله لرحمته ، وأن تأملوا من أنفسكم له وقارا فتعبدوه وتوقروه وتعزروه. فقد يعتقد الإنسان ربوبية الله ولا يوقره جهالة وعصيانا ، وقد لا يوقره ارتيابا في ربوبيته مع احتمالها ، وقد لا يرجو ـ أيضا ـ وقاره ، كأنه متأكد انه ليس إلها ، وهذا أحط دركات الكفر بالله ، رغم ظهور آياته في الآفاق والأنفس!.
(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) فلكلّ من اشخاصكم أطوار ، ولكم أجمع أطوار ، مما تنتفي عنه الصدفة العمياء ، والخلق الفوضى :
فمنها الأطوار الجنينية من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى الهيكل إلى الخلق الكامل وإلى إنشاء الخلق الآخر «الروح» فتبارك الله أحسن الخالقين.
ومن الأطوار الجنينية نفسها أن الجنين يشبه لأول مرة حيوان الخليّة الواحدة ، ثم بعد فترة يمثل شبه الحيوان المتعدد الخلايا ، ثم شكل حيوان مائي ، ثم حيوان ثديي ، ثم المخلوق الإنساني ، وإدراك هذه الأطوار الثانية ، مهما كان بعيدا عن قوم نوح ، فانه قريب إلينا كما كشف عنه العلم حديثا ، والقرآن كتاب كل الأزمان.
ومن الأطوار الأخرى بعد الخلق هي أطوار الحياة الدنيا ، من كونكم طفلا وإلى الشيخوخة ثم إلى الأجداث وقد تجمع هذه الثلاثة آية الخلق والبعث : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَ