الرسول في تعليمهم (١).
(فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) والعجب ما لا يعرف سببه ، وكل ما يقرأ على الإنسان ويسمعه يعرف سببه اللفظي والمعنوي ، وإذ لا يعرف سبب هذا القرآن فهو إذا خارق للعادة ، وسببه غيب عن المعرفة والاكتناه ، فانه الله الذي لا يعرف بالذات مهما عرف بالآيات.
(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) :
انه : قرآن ، عجب ، يهدي إلى الرشد ، أمور ثلاثة فيه تدفعنا إلى الإيمان به ، فما كل عجيب يهدي إلى الرشد فان الشعوذة والسحر أيضا عجب مهما عرف سببه لأهله ، وما كل ما يهدي إلى الرشد عجب ، ثم ليس كل هاد عجيب مما يقرأ ، فهذا القرآن يجمع بين إناقة الظاهر وعلاقته قرآنا يلفظ ويسمع ، وبين العجب في كيانه قلبا وقالبا غير مألوف ، يثير الدهشة في القلوب ، ذو سلطان على المشاعر الحية ، وذو جاذبية غلابة ، وبين هدايته للرشد عقليا وفطريا وأخلاقيا وعلميا وثقافيا وفي كلما تتطلبه الحياة الانسانية الخالدة.
هذه الميزات للقرآن يتفرع عليها الإيمان : (فَآمَنَّا بِهِ) إيمان بمن أنزله ، وكفر بمن سواه ، اللهم إلا من يدعو اليه كذريعة للايمان.
فالإيمان بالقرآن ، فبمن أنزله ومن انزل عليه ، إنه استجابة طبيعية مستقيمة لسماع القرآن وعيا في النفس ، دون حاجة إلى حجة سواه ، بل هو حجة الحجج ، تدل كالشمس في رايعة النهار ، دلالة رائعة فائقة العادة على من أنزله ومن أرسل به.
__________________
(١) المصدر ح ١٧ القمي في حديث : فجاؤا الى رسول الله (ص) فأسلموا وآمنوا وعلمهم رسول الله شرايع الإسلام ، فأنزل على نبيه (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ ..) السورة كلها ، فحكى الله قولهم وولى عليهم رسول الله منهم ، وكانوا يعودون الى رسول الله (ص) في كل وقت ، فأمر رسول الله (ص) امير المؤمنين (ع) ان يعلمهم ويفقههم ، فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس وهم ولد الجان».