بها المؤمن مرضاة الله ورحماته في الدارين ، فذكر الله تعالى يطمئن القلوب (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فضلا عن الايمان المازج القلوب ، التي أصبحت ذكرا لله إذ عاشت ذكره ، داحرة ناحرة من سواه.
إنهم مهما شملهم بخس أو رهق في الحياة الدنيا في سبيل الله ، فلا يخافون ، لأنهم الرابحون يوم الدين ، فلن يبخس المؤمن حقه الثابت ولن يرهق ، ومن ذا الذي يملك بخسه وإرهاقه وهو في حماية الله ورعايته ، وحرمانه عن ملذات الحياة الدنيا ومغرياتها ليس بخسا ولا رهقا بجنب ما يكسبه من رضوان الله والحياة الآخرة ، فهو في راحة في ضميره ونفسه دنيا مهما ضحى بنفسه ونفيسه ، وفي راحة شاملة في الآخرة : لا يخاف بخس الدنيا ورهقها ، الواقع ـ لا محالة ـ للسالكين في هذه السبيل ، يوم الدنيا ، ولا يخافهما يوم الدين إذ هما لغير المؤمنين.
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً. وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً).
يلمح من تقسيمهم الى المسلمين والقاسطين أن الجمع هنا : «أنّا» يشمل الجن أجمع ، لا خصوص المؤمنين أو الرسل منهم ، ف «انّا» هنا تختلف عن «أنّا» هناك ، بين خاصة برسلهم ك (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) وعامة للمؤمنين منهم وعلّه : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ ..) وعامة للجن اجمع (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) ف «أنا» هنا وهناك وهنالك طرائق قدد في الشمول والخصوص كما الجن طرائق قدد!.
ولئن سئلنا ما هو الفرق بين «الصالحون» و «دون ذلك» وبين ما هنا «المسلمون والقاسطون»؟
فالجواب ان «الصالحون» كما مضى هم رسل الجن ، ودون ذلك يشمل كلا القاسطين ، والمتوسطين بينهما من المؤمنين بدرجاتهم ، ولكنما «المسلمون» يعم رسلهم والمؤمنين ، و «القاسطون» يخص شياطينهم (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ