في الحياة الدنيا ، وبذلك سوف يكونون حطبا لجحيم الآخرة ، تستدام النار بدوامهم ، فكل نار لا بد لها من حشاش يحشها ووقود يقودها.
فالقاسط نار عبر حياته هنا وهناك ، والمقسط جنة عبرها هنا وهناك (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى).
والجن مهما كانوا مخلوقين من نار ، فالقاسطون منهم يحرقون ويحرقون في جحيم النار بما يوحيه النص القرآني الذي نستمد منه تصوراتنا الايمانية ، فالتصورات الشاردة الماردة التي تحيل أو تستبعد عذاب الجن بالنار ، ليست صادرة إلا عن أفكار مادية ضيقة تعارض النصوص القرآنية والواقع الملموس ايضا ، أن كثيرا مما أصله النار يحرق بالنار ، والنار الأقوى كذلك تحرق الأضعف او تزداده حرقا ، إضافة الى ان الجن لم يظلوا نارا وإنما خلقوا من نار ، كما الإنسان المخلوق من التراب يقتله الحجر المخلوق من التراب ، فهل من المستحيل ـ إذا ـ أن مادة أقوى تصطدم مادة من جوهرها هي أضعف منها ، مهما بقيت على حالتها ، أو ـ بأحرى ـ تغيرت ، كما الجن خلقوا من مارج من نار وليسوا الآن نارا ، ولو بقوا نارا فنار الجحيم هي أقوى ، وعلى أقل تقدير تزيد في ناريتهم فتحرقهم مهما لا تحرقهم نارهم الاصيلة ، وكما في الإنسان ايضا نار هي من شروط حياته ، فلو زادت أصبحت النار نفسها من بواعث مماته كالحمى البالغة ذروتها ، المجمدة للدم.
ثم من بعد ذلك فعدل الله وفضله وكلمته البالغة تفرض التسوية بين الجن والانس ، مؤمنين وكافرين ، الى الجنة على سواء والى النار على سواء ، وكما تدلنا عشرات الآيات مصرحات ، ومئات شاملات ، فالحظائر المعدة بين الجنة والنار لمؤمني الجن وفساق الشيعة ، المروية عن باقر العلوم (ع) هي مكذوبة مزورة عليه عليه السلام ، مكتوبة بأيدي الجهل في البعض من كتب الحديث (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٣٧ القمي وسئل العالم عن مؤمني الجن أيدخلون الجنة؟ فقال : لا ـ ولكن لله حظائر بين الجنة والنار يكون فيها مؤمنوا الجن وفساق الشيعة!.