قيام الليل وقراءة القرآن ما ينتج عنهما : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وفي قرنها بقيام الليل المسموح عنه عن المؤمنين ايحاء انها لا تخفيف فيها ولا تتحمله إلا شكليا كالصلاة ، أو كميا كالزكاة فانها تتقدر بقدر المال المزكى ، وأما أن تبدل الصلاة والزكاة بغيرهما فكلا.
(وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً).
فالأعمال كلها ـ من خير وشر ـ تقدم للعامل لا سواه ، فليس لله فيها مضرة أو منفعة ، ولا لمن سواه ، وإنما هي للعامل أو عليه ، فقدموا لأنفسكم مما يتقدم إليكم من صالح الأعمال ، فأنتم سوف تجدونها هي بأنفسها عند الله بما سجلتها المسجلات الإلهية ، من أعضائكم العاملة ومن الأرض بفضائها (هُوَ خَيْراً) تجدونها خيرا مما كانت ، إذ تظهر بحقائقها وألبابها دون قشور تسترها ، وتظهر ليوم لا حاكم فيه إلا الله وأحسن أجرا فالله يزيد أعمالكم أجرا بفضله ورحمته (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) اطلبوا منه والتمسوا لكي يغفر ويستر ما قدمتموه من طالح الأعمال أو صالحها الناقصة ، ما دام المبدأ الأصيل في حياتكم ابتغاء مرضاة الله.
فالمؤمنون ـ إذا ـ يلمسون التخفيف الندى يمسح على نصبهم طوال سنين عشر من البعثة ، وقد انتفخت أقدامهم وتورمت من القيام الطويل ، مهما كانوا قاصرين عن قيام الرسول ، الثلاثي ، ولإحصائه الليل دونهم ، ووجوبه الأصيل عليه دونهم ولحمله الثقيل وسبحه الطويل دونهم.