أمرها ، هي الشهب ، والتي تصل إلى الأرض ، هي الأحجار السماوية التي تمطر أحيانا على شياطين الأرض ، ف (جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) تعم شياطين الجن بالشهب ، وشياطين الإنس بالأحجار ، ومن رجوم شياطين الأرض سجّيل أصحاب الفيل وسواه ، كالتي أرسلت إلى سدوم ، وعلى قوم لوط : (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) (٥١ : ٣٤) (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (١١ : ٨٢).
ثم كيف تقذف الرجوم والشهب إلى شياطين السماء؟ ولماذا؟ فهل يسمح للجن المؤمنين اختراق السماء إلى الملإ الأعلى للاستماع إليه؟ وهل يمنع الإنسان أيضا من اختراق السماء وهو لا يستطيع التسمّع إلى الملإ الأعلى؟ ثم الشهب والنيازك النارية والأحجار ، هل إنها على كثرتها وتوافرها لا تهدف إلا قذف شياطين السماء والأرض؟ وكيف ذلك؟ تجد الجواب عنها في محالها الأنسب (١).
(وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) : عذابا فوق العذاب بخبره الحاضر الحاذر عن مستقبل شديد ، ورجومهم يوم الدنيا ـ بواقعه ـ عليهم شهيد ،
__________________
ـ نقل احد الشاهدين هذه الحرب الجوية في «كارولينا الجنوبي» : سمعت صوتا خشنا خارقا ايقظني من نومي ، صرخة من ثمانمائة من العمال السود في المزارع ، حاولت الكشف عن السبب ، فإذا بصوت ضعيف من وراء الباب يطلبني ، أخذت سيفي واتبعت صاحب الصوت ، فسمعت ثانية يسترحمني قائلا : قم فقد احترقت الدنيا ، فتحت الباب ، ولست أدري هل كانت الصرخات المسترحمة أدهش ، أم المنظرة الرهيبة من الحرب الجوية ، رأيت مائة من العمال ساقطين على الأرض ، كانت حادثة عديمة النظير ، وان كانت لها أشباه في التاريخ.
(١) كما في سورة الحجر وفصلت والصافات والجن.