فهم بين عذاب حاضر وآخر معتد عتيد ، عذاب فوق العذاب وبعد العذاب وبئس للظالمين بدلا.
عذاب معتد : لم يأت وقته ، ولم يعد عدته ، ولأنهم وقوده ولما يدخلوه ، فإذا ألقوا فيه كمل العذاب بهذا اللقاء ، كما يقرب البترول النار ، فشهيق وفوار.
لا فحسب الشياطين : بناة الضلالة وأصولها من الجنة والناس أجمعين ، بل الحكم يعمهم والكافرين أجمع :
(وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) : فالذين لا يرجمون ـ منهم ـ يوم الدنيا ، هم شركاؤهم في عذاب جهنم يوم الدين : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ).
(إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ) : يلقون فيها مهانة لهم ، وإلقاء للصلاء الوقود ، لكي يصطلون بأنفسهم ، فلقد كانت كاظمة غيظها ، باطنة فورتها وميزها ، وأما الآن وهي تعيش وقودها ، فحق لها شهقتها وفورتها وثورتها على الكافرين.
الشهيق. هو الصوت الخارج من الخوف عند تضايق القلب من الحزن الشديد والكمد الطويل ، وهو صوت مكروه سماعه ، شديد إيقاعه.
أما إنها خائفة من وقودها الشديد ، متضايقة القلب الحزين ، من ورود هؤلاء الأرجاس الأوغاد ، رغم تصبّرها لورودهم ، في كمد طويل!.
تشهق فائرة : مرتفعة الغليان ، تجذبهم إلى داخلها جذب الهواء بشهيق النفس إلى داخل الصدر.
(تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) : من قولهم تميزت القدر ، إذا اشتد غليانها ، ثم صارت الصفة خاصة الإنسان المغضب ، وهنا وصفت النار بصفة المغيظ الغضبان الذي من شأنه ـ إذا بلغ ذلك الحد ـ أن يبالغ في الانتقام ، ويتجاوز الغايات