(٢٢ : ٦٢) لا عن صغر مسبق ـ ف (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) (٤ : ٣٤) : كينونة أزلية كما في كونه ، لا يشاركه فيه أحد ، وكما لا يعني تكبير الله تعالى هنا أنه أكبر ممن سواه ، فلا كبير سواه حتى يكون هو أكبر منه ، وكذلك قول «الله أكبر» لا يعنيه ، فان كونه أكبر من غيره تصغير له ، وإشراك لغيره معه في الكبر ، وإنما يعني ـ على حد تعبير باقر العلوم عليه السلام ـ أنه أكبر من أن يوصف وإن كان بوصف أنه أكبر ممن سواه!
(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) : إن كانت هي ثيابك فطهرها : فالفطرة مجبولة على تطهيرها.
«ثياب ـ ك» و «ك» لا يختص البدن ، وإنما يعمه والروح ، والروح أحرى هنا ، ولا سيما أن الخطاب وجّه إلى الرسول (ص) ، والرسالة الإلهية هي روحانية المصدر والفعل والمفعول ، طالما تشمل الناحية الجسدانية أيضا.
فلكل إنسان ثلاثة أثواب ١ ـ ثوب الجسد المتصل به ، شعارا ودثارا ، ٢ ـ ثوبه المنفصل عنه : زوجته التي اعتبرت لباسا كالعكس (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) ٣ ـ وثوب الروح وهو لباس التقوى (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) (٧ : ٢٦) وهذه الطهارة الثلاثية للإنسان تجعله في قمة الطهارة والنزاهة ، فبإمكانه هجران الرجز كل رجز.
فمن طهارة الثياب تنظيفها عن الدنس والنجس ، وترتيبها بحيث لا تتعرض للأدناس ، كالثياب الطوال التي تجر الأرض فتتقذر هي ، وتقذر أيضا خلق أصحابها إذ تخلق فيهم الخيلاء والكبرياء ، وهذا من تفسير الظاهر للآية وكما فسرها أئمة أهل البيت عليهم السلام «فطهر ـ أي فقصر» وكما أن من تطهيرها أيضا لبسها بحيث لا تكون لباس الشهرة أو الهزء ، تطهيرا لأصحابها عن التعرض للبهت والغيبة ، وكذلك تطهيرها عن أن تكون من مصادر محرمة : سرقة أو خيانة أو بخسا أم أيا كان من وجوه الحرام.