ومنها تطهير الأزواج فإنهن لباس ، أمره الله سبحانه أن يستطهر النساء ، فيختارهن طاهرات من دنس الكفر ودرن العيب ، لأنهن مظان الاستيلاد ، ومضامّ الأولاد ، ثم إذا اختارهن هكذا يلازم تطهيرهن عمّا لا يجوز قدر المستطاع فإن فلتت منهن فالتة ـ إذا ـ فهي هي المسؤولة لا هو ، إذ أدى واجب الاختيار والتطهير.
ومنها تطهير النفس ، ان يعيش تطهيرها عما يرجزها ويدنسها ، فيزجرها عن الله ، يقال : فلان طاهر الثياب. أي : طاهر النفس والأفعال ، طاهر الضمير والأقوال (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ).
فكما للجسم ثياب يجب تطهيرها تنزيها للظاهر ، كذلك للروح ثياب تلبسها ، فتدنسها أحيانا وتطهرها أخرى ، فالفطرة السليمة والعقل السليم والقلب الواعي والعلم النافع ، التي تجمعها التقوى ، إنها لباس التقوى ، تقوى بها الروح وتعرج إلى قمة الكمال ، وكما أنها تقوى بالروح الصافية الضافية.
فهذه الطهارة هي الحالة المناسبة لتلقي الوحي ، والضرورية لملابسة الإنذار والتبشير ، ومزاولة الدعوة في أوساط التيارات الجارفة ، والأهواء والمداخل والدروب ، ولكي ينقد الملوثين دون أن يتلوث.
ومن ثم وبعد المراس الشاملة لهذه الطهارة الثلاثية ، التي تطمئنه إلى حياة الدعوة الدائبة ، يؤمر بالهجر عن كافة الاضطرابات فيها ودوافعها : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) إن تعلمه رجزا فاهجره ، فالفطرة مجبولة على هجر الرجز. فأصل «الرجز» هو الاضطراب ، وناقة رجزاء إذا تقارب خطوها واضطرب لضعف فيها ، فهو ـ إذا ـ يشمل كل اضطراب وخروج عن اعتدال سببا ومسببا ، من العذاب وبواعثه ، فالخروج من اعتدال الفطرة والعقل رجز كما أن خلافه طهارة واعتدال ، وكما أن كافة المكارم داخلة في (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) كذلك التخلف عنها داخل في (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) فالرسول الأقدس (ص) أمر