٢ ـ المنّ القولي على الله ، وهو على امكانيته مستحيل من الرسول البالغ في معرفة الله أقصاها الممكن ، فلا يشمله النهي ، اللهم إلا غيره.
٣ ـ المن العملي على الناس ، وهو الإثقال بالنّعمة عليهم والإكثار منها ، وهو من أوجب الواجبات الرسالية ، أن يعيش الرسول حياته عطاء للناس وهدى ورحمة لقوم يهتدون ، فلا يشمله النهي أيضا.
٤ ـ المنّ القولي للإيذاء ، ولم يكن الرسول ممن يؤذي الناس ، وإنما كان يتأذى في سبيل رفع الأذي عنهم ، فلا يشمله النهي.
٥ ـ المن القولي لتذكير النعمة ، وليس إلا من الله فإنه ولي النعم ، فقد يشمله النهي.
٦ ـ المن القولي حال الاستكثار ، وكما أن «تستكثر» هنا حال ، لمكان الرفع ، لا جزاء الشرط المقدر ، وقد يكون استكثارا لمنّ الله عليه وعليهم فهو ممدوح لا ينهى عنه.
٧ ـ وقد يكون استكثارا لجهوده وجهاده في تبليغ رسالاته ، فهو المشمول للنهي ، فليستقل بلاغاته بجنب الله ، وليعرف أنه ما عبده حق عبادته وما عرفه حق معرفته ، ولذلك كان يستغفر ربه كل يوم سبعين مرة ، لا لذنوب يقترفها ، وإنما إعلاما واعترافا بالقصور عما يحق عليه لله ، إذا فكيف يستكثر؟ فهل يستكثر امتثاله لهذه الأوامر الإلهية من قيامه بالإنذار ، وتكبيره ربه وتطهيره ثيابه وهجره الرجز ، ودعوته إلى ربه؟ وهو عبد لا يملك إلا ما ملكه الله ، فليستقل عمله بجنبه ، وليستكثر نعمه عليه ، دون أن يستكثر ما عمل من خير لله وكما عن الرسول (ص) نفسه (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٥٤ عن الصادق (ع) قال رسول الله (ص) في الآية : «تستكثر ما علمت من خير لله».