القادرون على هذا العدد ، القليل في زعمهم ، وهو العاجز عن أن يزيدهم بعدد أو يقويهم بعدد!
كلا ـ إن هذا العدد كسائر الأعداد في سائر المواضيع ، يتمكن الجاهل الغبي أن يعترض على أي منها يشاء ، دون برهان على خلافه قائلا : لماذا السماوات سبع؟ لماذا حمل الجنين بين ستة أشهر وتسعة ، لماذا الصلوات اليومية سبع عشر ركعة ولماذا؟
والجواب أن خالق الخلق ومدبره يريد ويفعل ما يريد (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ).
فلو جعل عدد الزبانية تسعة عشر ألفا أو مليونا أو ملياردا أو ما زاد ، لقالوا لماذا لم يجعل عشرين ألفا أو ما زاد : ولو جعلهم عشرين ألفا أو ما زاد لقالوا لماذا لم يجعلهم أكثر أو أقل.
ولو لم يجعل للجحيم زبانية لقالوا : إله عاجز بلا جنود ، فهم؟؟؟ أينما وجهوا ، فالله تعالى إنما يجعل الزبانية تسعة عشر فتنة للضالين ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ، وإيقانا لأهل الكتاب بما لهم من خبر مسبق عن هذا العدد في كتبهم وازديادا لإيمان المؤمنين ، كما يزدادون بغيرها من آيات الله البينات (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٨ : ٢٢) فكل مقالة من ربهم يزيدهم إيمانا ، لتفتّح قلوبهم وانشراح صدورهم ، ولأن كتب الوحي المسبقة تصدق هذا العدد ، وانه لو لم يكن وحيا من الله لما اختاره محمد (ص) وهو أعقل العقلاء ، فهل ليثير الهزء والهراء من الكافرين والذين في قلوبهم مرض؟ .. ولأن قلة الزبانية تدل على كثرة القدرة الإلهية ، وما الجنود إلا ذكرى للبشر ، دون حاجة من الله إليها ، وكما تصدقه سائر الجنود من الطير الأبابيل التي رمت أصحاب الفيل ، ومن القمل والجراد والضفادع التي قضت على آل فرعون ، وأمثال هذه وتلك مما لا يحسب لها حساب في كيانها ، وإنما تتغلب بحساب الله