والشريعة ، فإذا قطع الإنسان عن نفسه : عن شجرته الانسانية ـ ثمرات حياتها ، فقطع نفسه عن الصلة المعرفية بالله ، فهذا مقطوع عن الخير كله وكان مصيره سقر :
(ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) ما أنفذكم في سقر فلم تنجوا عنها بتوبة ولا شفاعة ، ولم تكفر عنكم سيئاتكم فأنفذتكم في سقر؟
هنا نجد الجواب شرحا لمدى الإجرام السالك صاحبه في سقر :
(قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) :
هذه هي جماع الأسباب لسلوك سقر لجماع المجرمين ، مهما اختلفوا في جمعها كما في أتعس المجرمين ، أو بعضها ، واحدة أو أكثر ، فان الجواب للجميع وليسوا على نسق واحد في الإجرام ، فالمجرمون دركات ، كما أن أصحاب اليمين درجات والسؤال لأصحاب اليمين أجمع عن المجرمين أجمع ، فليس العطف هنا بين الأربع يوحي لاشتراط الجمع بينها في سلوك سقر :
(قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) فالصلاة ـ في نظرة عميقة ـ هي الإيمان كله ، فالخارج عن زمرة المصلين خارج عن زمرة المؤمنين ، مهما كان مقرا بالشهادتين ، ولذلك نجدها مع إيتاء الزكاة من شروط قبول توبة المشركين : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) (٩ : ٥) ... (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) (٩ : ١١) فالخروج عن الشرك والكفر ، والدخول في الأخوة الدينية هما مربوطان بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) : من زكاة أو صدقات أخرى : ضرائب مستقيمة وسواها ، فالزكاة ، في العلاقات البشرية اسلاميا ، هي أخ الصلاة في العلاقات العبودية ، قد لا يعتبر تاركها مسلما : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٤١ : ٧).
صحيح أن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة هما من فروع الدين ، ولكنهما كالأصول ،