لأنهما أول ما يبرز وأبرزه ممن يعتنق الإسلام ، فليحكم على تاركها بالكفر واقعيا وإن كان مسلما عقائديا.
إن الزكاة هي عبادة الله في خلقه بعد عبادته في ذاته ، فتركها مع ترك الصلاة ترك لعبادة الله من جهتين ، وهو يدفع بالإنسان ـ لا محالة ـ إلى نكران أصول الدين ، بالخوض مع الخائضين المستهزئين برب العالمين ورسله ، والتكذيب بيوم الدين :
(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) : الخوض لغويا هو الشروع في الماء والمرور فيه واستعير للغور في الباطل ، تصديا له ونكرانا للحق ، وهذه هي حالة الاستهتار بأمر العقيدة وأخذها مأخذ الهزل واللعبة دون مبالاة.
فمن الخائضين من يخوض قصدا وعنادا وعتادا على الحق وهم أصول الضلالة ، الذين يعيشونها حياتهم ، ويضللون من سواهم : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (٤ : ١٤) فالذين يخوضون مع الخائضين هم هوامش الضلالة ، وحالهم كالأصول ومصيرهم إلى جهنم جميعا ، فالخائض في آيات الله هنا يخوضها كفرا واستهزاء ولعبا بها ، بدل أن يغورها تعمقا وتأنقا وتدبرا : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) (٥٢ : ١٢) (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٧٠ : ٤٢) ، فمنع الخائضين في آيات الله فرض ، والقعود معهم سكوتا دون نكير حرام ، ومسايرتهم والتأثر بفعلتهم كفر : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٧ : ٦٨).
(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) وهو من نتائج الخوض ، وهو من أخطر الاستهتار ، إذ يحرر أصحابه من عبء التكاليف الإلهية ، وهو مبدء الإباحية المطلقة فهو من أشر وأخطر الكفر ، مهما اعتنق صاحبه عقيدة الإله فانه أمّ