ولو أن كلّا يناحر الآخر في محتواه ، فليست هكذا الشرعة الإلهية ، ولأمة واحدة ، وبل وللأمم أجمع ، حيث الدين واحد ، والشرايع الى الدين في جذورها واحدة ، مهما اختلفت في بعض الصور وفي البعض من الصور.
فالشرعة الإلهية تعني توحيد الحياة بسلوكها إلى مرضاة الله وصالح الناس ، حيث تزيل خلافات الناس ، لا لتزيد خلافات على خلافات ، ظلمات بعضها فوق بعض وكما يريدها هؤلاء الناس!
وليكن حاملو الشريعة من أصفى الأصفياء بين الناس ، وليتلقوا ، ويلقوا شريعة الله إلى الناس ، ويطبقوها كما يريده إله الناس ، فكيف يتحمل شريعة الله كرسل ، أناس هم أشر من نسناس ، يستكبرون على رسل الله ، ويتحكمون على رسالات الله ، ويقتسمون فيما بينهم رسالة الله ، كأنها مال يغنم.
(كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) .. كلا : ليس الأمر كهذه وتلك وإن تفوهوا بها وادعوها ، فلا فرارهم عن التذكرة لخوفهم عنها ، ولا ان كل امرئ منهم يريد ان يؤتى صحفا منشرة ، حتى يعمّروا على ضوءها الحياة الدنيا والآخرة : (كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) هذا داءهم وبلاءهم مهما تلونوا وجاه الرسالات بألوان الاعتذارات ، فالذي لا يخاف الآخرة إذ لا يؤمن بالله ، انه لا يريد خطاب الله وشرعة الله كيفما كانت وحيثما نزلت.
(كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) .. كلا : ليس كما تهوون ، كردع ثان لما يهوون : أن يؤتى كل امرئ منهم صحفا منشرة ، فالقرآن تذكرة وليست لعبة مقسمة بين اللاعبين ، تذكرة جماعية يحملها أول العابدين ، وليست فردية انقسامية يحملها الفوضى ناس ونسناس ، ليزيدوا في خلافاتهم ورعوناتهم وفخفخاتهم.
تذكرة تمشي مع المتذكرين باختيار ، ولا تمشّيهم بتسيير واضطرار :