(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) : من شاء التذكرة ذكره : القرآن ونبي القرآن. فمن يذكر التذكرة دون ان ينفر عنها كالحمر المستنفرة ، فانها له تذكرة وتهديه الى الله.
وترى انهم يذكرون تذكرة الله دون مشيئة الله ، وبمشيئتهم أنفسهم فحسب ، كما قد يوحي به (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أم انه فقط بمشيئة الله؟ :
(وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) :
فهنا مشيئتان ، من الناس أن يذكروا ذكرى الله ، ومن الله أن يؤيدهم في ذكراهم ، ف لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين دون تدافع أو صدام بين أمرين : مشيئة الله ومشيئة الناس ، وإنما تلاؤم ووئام ، ولكنما المشيئات كلها مشدودة الى مشيئة الله ، يمضي في اتجاهها وفي داخل مجالها ، وكما يناسب عدله وفضله ، دونما تسيير وإجبار ، وإنما في يسر واختيار ، اللهم إلا فيما لا يعاقب عليه أو يثاب ، مما هو خارج إطلاقا عن نطاق الاختيار.
كما ولا يشاء الله الذكرى إذا لا يشاءون ، لا أنهم لا يشاءون ويشاء الله فهم يغلبون ـ إذا ـ مشيئة الله!
فمن يعلم الله منه انه يشاء ان يذكر ذكر الله ، فهو يذكره بمشيئة الله ، فان الله يسبقنا في حسناتنا ، ومن يعلم انه لا يشاء فلا يشاء الله ذكراه ، ويذره في غيه يمرح ، وفي طغيانه يعمه ، فإننا سابقون الله في سيئاتنا ، وهو سابق في حسناتنا إذ يشاء حسناتنا فيؤيدنا ، ولا يشاء سيئاتنا حتى يدفعنا لها.
فهنالك الأصل مشيئة الله تحوّل مشيئة الصالحات الى تأكدها فواقعها ، ثم لا تحوّل مشيئة السيئات لشيء منها إلا تركا وإعراضا ، طالما السيئة أيضا لا تتحقق أخيرا إلا بمشيئة الله ، ولكنها مشيئة أخيرة ضرورية للواقع ، لولاها لم تحصل أية سيئة ، لوحدة الالوهية ، ولكنما المشيئة للحسنات تصاحب