وهل الاستفهام تقريب وتقرير : أن أتى عليه حين : قطعة محدودة ـ من الدهر : مجموعة الزمان غير المحدودة ، (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) : كان شيئا ولم يكن مذكورا (١) حيث النفي هنا يوجّه الى الوصف ، دون الموصوف كما في : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) إلا في علم الله ، أما في الخلق والتقدير فلا ، وإن في مبادءه ترابا أم نطفة أم ماذا؟
أم الاستفهام انكاري يعني نفي مدخوله : أنه كان شيئا مذكورا طوال الدهر : قبل خلقه في علم الله ، وبعده في رحمة الله وعنايته ، وعلى حدّ المروي عن الامام الصادق (ع): «هل أتى عليك يا إنسان وقت لم يكن الله ذاكرا لك فيه؟» (٢) ، كل محتمل ، والجمع أجمل ، حيث الاستفهام هنا يتحملهما فقد كان شيئا معلوما عند الله ، مذكورا عنده في عداد ما أراد خلقه ، ثم الله ذاكر له على طول الخط إذ خلق أصله : التراب ، ثم منيّه من سلالة التراب ، ثم نطفته من سلالة المني ، ثم درج به في خلقه وتصويره وتسويته الى درجة الإنسان ، ثم هو ذاكره طول الحياة الى الممات وبعده «فهل أتى عليه وقت لم يكن الله ذاكرا له؟» اللهم لا.
وقد كان شيئا في علم الله كسائر الأشياء ولم يكن مذكورا في الخلق : «كان مذكورا في العلم ولم يكن مذكورا في الخلق» (٣) : «كان شيئا مقدرا
__________________
(١) تفسير العياشي عن زرارة سأل الباقر (ع) عن الآية فقال : .. وفيه عن عبد الأعلى مولى آل سام عن الصادق (ع) مثله.
(٢) ج ١٠ ص ٢٥٩ تفسير روح البيان لإسماعيل حقي.
(٣) تفسير العياشي عن سعيد الحذاء عن الباقر (ع) : ..