وأنوثة الكأس ، والكافور اسم أكمام الثمرة التي تكفرها ، مبالغة في الكفر : الستر (١) ، فمزاج الكافور لكئوس الشراب في الجنة ، كفر لها عن كسرها وتغيّرها ، وتغييرها لشرابها ، ولم يأت في القرآن مزاج الكافور لشيء إلا الكأس ، وإلا هنا ، آية وحيدة في مزاج الكافور لكأس الجنة.
و «كان» توحي بسبق هذا المزاج عن الشرب والشراب والتفجير ، مما يؤيد مزاج الكأس نفسه دون الشراب ، وأنهم مزجوا كؤوس قلوبهم وأرواحهم بما يكفرها ويسترها عن موتها ، ويعدّها لشرب مياه الحياة المعرفية والروحانية.
فهذه سيرة الأبرار في دنياهم ، وتلك صورة واقعية لهم في عقباهم ، كأسا بكأس ، ومزاجا بمزاج ، وشربا بشرب ، فمن اين يشربون؟ :
(عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً). وما أحلاها مشربا من نبعة تنبع بما يفجّرونها تفجيرا أنيقا يسيرا ليس فيه من تكلف لا كثيرا ولا قليلا ، وإنما تفجيرا كثيرا وفيرا ، فما أنظفها شربا وشاربا وكأسا وعينا وتفجيرا : عباد الله الأبرار ، كأس الكافور ، عين مفجرة بذات أيديهم ، وعلّه بغمزة واشارة ، أو قولة وارادة ، أو أيا كان من تفجير كما يشاءون : ف (فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ)!.
ثم إن «عينا» تلمح لواحدة ، فكيف يكتفي عباد الله بعين واحدة؟ أم كيف يشتركون كلهم في تفجير هذه الواحدة؟ ولعل الجواب أنها واحدة في منبع أصيل ، كثيرة في نبعات فرعية في مناكب أرض الجنة ، كل يفجّر هذه الواحدة عنده بساقية تحت الأرضية عنها ، والأصل من تفجير الله! :
__________________
(١) والكافور المعروف تستخرج من شجرة اريجية من فصيلة الغاريات مهدها الاصلي جنوب الصين ازهارها بيضاء ضاربة الى الصفرة.