(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (١٥ : ٤٥) عيون مفجرة من تلك الواحدة ، وكما المقربون لهم عين خاصة بهم : (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) (٨٣ : ٢٨) وقد تجاوب هاتين العينين : (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) (٥٥ : ٥٠) (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٥٥ : ٦٦) عينان تفجّر من كلّ عيون!.
وهذه «هي عين في دار النبي (ص) تفجر الى دور الأنبياء والمؤمنين» (١) كما تفجرت عيون النبوات الى دور النبيين من البيت المحمدي طوال الرسالات الإلهية ، والى دور المؤمنين ، فلكلّ عين من هذه الأصيلة يوم الدين حسب ما فجروها يوم الدنيا.
(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) :
قد يوحي تأخير «يوفون بالنذر» وهو عمل الدنيا ، عن «يشربون» وهو جزاء الآخرة ، يوحي هذا التعبير العبير بأن الوفاء بالنذر هو من هذه الأعمال الخيرة التي تشربهم في الجنة وتفجّر لهم عيونها ، كما شربوا حب الله ، وحب الفقراء في سبيل الله ، وفجّروا عيون قلوبهم له ولهم ، وكما يوحي بأن الحالة هذه نفس الحالة تلك ، طبقا عن طبق ، فحال الأبرار في شربهم موجودة يوم الدنيا ، كما أن حالهم في وفائهم موجودة يوم الدين.
والوفاء بالنذر ـ ومنه الإيجاب على النفس لسبب ـ يلمح بأنهم وصلوا في استجابة أمر الله القمة ، فإذ يوفي الإنسان ما يفرضه لله على نفسه فهو أوفى لله بفروضه الأصيلة ، وهذه الآية تجاوبها آيات عدة في وجوب الوفاء بالنذر : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) (٢٢ : ٢٩) إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (١٩ : ١٦).
__________________
(١) امالي الصدوق عن الامام الباقر (ع) في آية التفجير قال : «هي عين في دار ...