فآنية الفضة ، وأكوابها القوارير في صحاف الذهب ، بطائفيهما الولدان المخلدين اللؤلؤ المنثور ، تزيد الأبرار قرارا بين الظلال الوارفة ، والقطوف الدانية والجو الرائع ، ما لم تعهده الأرض ، ولا تصورا!.
وهل المشروب بآنية الفضة من قواريرها ، هو الماء؟ أم خمر الجنة؟ علها هي (١) حيث يذكر شراب الماء بعدها من ماء السلسبيل :
(وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً. عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً)
فللأبرار كأسان لشراب الماء ، كأس الكافور وكأس الزنجبيل (٢) : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) و (عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) : سهلا لذيذا حديد الجرية ، غاية في السلامة وسهولة الانحدار في الحلق (٣) فسل عنها سبيلا (٤) يوم الدنيا ، ان تدخل في صنف الأبرار ، فتشرب منها يوم الدين.
ومزاج الزنجبيل كمزاج الكافور هو كوقاية للكئوس بما فيها من ماء الجنة
__________________
(١) راجع ٣٠ : ١ ص ٢٢٦ : خمر الدنيا والآخرة ، «في ظل يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ».
(٢) قال الدينوري «الزنجبيل نبت في ارض عمان وهو عروض تسري في الأرض وليس بشجرة ، ومنه ما يحمل من بلاد الزنج والصين وهو الأجود وكانت العرب تحبه لأنه يوجب لذعا في اللسان إذا مزج بالشراب فيتلذذون «أقول : وزنجبيل الجنة يزيد لذة للشاربين كما يعلمها أهلها.
(٣) لم تذكر سلسبيل إلا هنا ، وقد يقال انها لم تسمع في غير القرآن إذ لا توجد الا في الجنة ، فليكن اسمها ايضا خاصا بها وكما يوحي له «تسمى» مما يختص هذا الاسم بهذه العين في الجنة.
(٤)تفسير الرازي ٣٠ : ٢٥٠ وقد عزوا الى علي بن أبي طالب (ع) ان معناه : سل سبيلا إليها.
(تفسير الفرقان ـ ج ٢٩ ـ م ٢١)