ف «من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ»(١).
والتذليل هنا من الذّل : ضد الصعوبة ـ كالأرض المذلول ـ لا الذّل : ضد العز والحمية ، حيث الجنة عزّ بحذافيرها ، بنعيمها وأهليها.
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا ، قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) :
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ) : والطائفون (وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) (٥٦ : ١٥) (بِآنِيَةٍ) : كئوس (مِنْ فِضَّةٍ) ويا لفضة الجنة من صفاء وجلاء! (وَأَكْوابٍ) : كوز وأقداح لا عروة لها (كانَتْ قَوارِيرَا) وليست قوارير زجاجية ، وإنما (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) أصلها فضة ، وقواريرنا هنا من الحصى ، وإذا كانت قوارير الحصى الدنيا ، لها جلائها وصفائها (٢) فكيف إذا قوارير فضة الأخرى ، والفضة في الدنيا لا تصبح قوارير كيفما رقت ولطفت! فلو ضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب لم ير الماء من وراءها. فنسبة قارورة الجنة الى قارورة الدنيا هي نسبة فضتها الى حصلى الجنة وأدنى! ثم الأكواب هذه ، الشفافة المتلألئة ، التي تزيد شرابها صفاء كما تزيدها جلاء ، إنها توضع في صحاف من ذهب : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ) (٤٣ : ٧١) ... (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) : آنية وأكوابا وشرابا كما يشتهون ، فمن لذة الماء والشراب أن يكون على قدر الريّ لا زائدا يرفض ، ولا ناقصا ينقص.
__________________
(١) روضة الكافي باسناده عن أبي جعفر الباقر (ع) قال : ان رسول الله (ص) سئل عن قول الله عز وجل (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) : قال : ... وفي آخره : وان من الفاكهة ليقلن لولي الله يا ولي الله كلني قبل ان تأكل هذه قبلي (نور الثقلين ٥ : ٤٨١).
(٢) المجمع ١٠ : ٤١٠ عن الامام الصادق (ع) في (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) : ينفذ البصر في فضة الجنة كما ينفذ في الزجاج.