إذا جاسوا ، وأنا مبشرهم إذا أيسوا الكرامة ، والمفاتيح بيدي ، ولواء الحمد بيدي ، وآدم ومن دونه تحت لوائي ولا فخر ، يطوف عليهم ألف خادم كأنهم بيض مكنون ، أو لؤلوء منثور» (١).
وإن النعيم العميم والملك الكبير في الجنة بعد العناء الطويل في الدنيا ، هو من شئون نزول الآية (٢) ، ومن النعيم :
(عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً).
(عالِيَهُمْ) : مكان تعلوهم على أرائكهم (٣) وتعلوهم على أبدانهم : لا يتكلفون في لبسها ، وإنما تعلوهم الثياب فيلبسونها (٤) (ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ) : ما رقّ من الحرير لهم شعارا (وَإِسْتَبْرَقٌ) : ما سمك منه لهم دثارا فوق الشعار ، وكلاهما خضر : (وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) (١٨ : ٣١) .. مُتَقابِلِينَ) (٤٤ : ٥٣) تقابلا بينهم وفي ثيابهم ونعمّا هما ، ومن خواص الحرير ـ إضافة الى ليونته ولطافته ـ أنه لا يجذب حرارة ولا برودة ، وإنما
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٠٠ ـ أخرج ابن مردويه عن أنس قال قال رسول الله (ص) :
(٢) الدر المنثور ٦ : ٣٠١ ـ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال دخل عمر ابن الخطاب على رسول الله (ص) وهو راقد على حصير من جريد قد أثر في جنبه فبكى عمر فقال ما يبكيك؟ فقال : ذكرت كسرى وملكه وقيصر وملكه وصاحب الجشة وملكه وأنت رسول الله على حصير من جريد ، فقال (ص): «أما ترضى ان لهم الدنيا ولنا الآخرة فأنزل الله : وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا».
(٣) منصوب على الظرف ك وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ لا الحالية فان الحال لزامها التنكير ، ولا كونه مفعولا ل «رأيت» إذ يقتضى نصب ثياب كمفعول ثان ، ولا تصح قراءة الجزم إذ المدار على المتواترة الموجودة في المصاحف.
(٤) مجمع البيان : وروى عن الصادق (ع).