يساير حرارة البدن والهواء لأنه حرير : حرّ طليق عن التأثر والتأثير ، والخضر أحسن الألوان وأنضرها وأطراها.
(وَحُلُّوا) : زينوا (أَساوِرَ) جمع سوار معرب : دستوار ، زينة الزند ، زيّنت بها زنادهم «من فضة» ويا لها من صفاء لبياضها ، ومن ذهب ولؤلوء : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٣٥ : ٣٣) أساور من أجملها : ذهبا وفضة ولؤلوء.
(وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) فلما ذا (حُلُّوا) و (سَقاهُمْ) كأمر مضى وهو يستقبلهم بعد الموت؟ علّه لأن تلك التحلية وذلك السقي ، هما مما حلّوا به أنفسهم يوم الدنيا بلباس التقوى ، وسقوا قلوبهم حب الله ، فمستقبلهم إنما هو ابن ماضيهم ، قد يعبّر عن سبب مضى ، وقد يؤتي بمسبّب يأتي.
وكما كان شرابهم يوم الدنيا طهورا : طاهرا في نفسه ، مطهرا لهم عن سائر الأقذار ، كذلك يتجلى يوم الدين شرابا طهورا : يطهرهم عن سائر الأقذار وإن كان خمرا ، فبين خمر الدنيا والآخرة بون الجنة والنار ، فطالما خمر الدنيا تخمر عقل الإنسان وصحته ، فخمر الآخرة تستره عما سوى الله : (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) (٤٧ : ١٥) (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٣٧ : ٤٧) (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) (٥٦ : ١٩): لا فيها صداع الرأس ولا فراغ العقل ونزفه (١).
(إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) : كان جزاء فضلا من الله ، لا استحقاقا عليه ، جزاء بما وعد وكتب على نفسه من فضل ورحمة ، لولاه لم يكن استحقاق (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) يشكركم به الله : (وَمَنْ
__________________
(١) راجع ج ٣٠ ص ٢٢٦ من هذا التفسير.