من عراقيل السير ، فلولا توفيقه لم نقدر على ما نشاء. ف (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) : في أن نعبدك لا سواك.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بقصورنا (حَكِيماً) في مشيئته ، فلولا حكمته لم يشأ ما نشاء ووكلنا الى أنفسنا ، ولو لا حكمته لشاء هدانا شئنا أم أبينا فأصبحنا على سواء (١).
ولنا أن نعاكس المشيئتين : ان مشيئته المخاطبين هنا من مشيئة الله ، لا يشاءون إلا ما يشاء الله ، فإنهم المعصومون المطهرون ، مهابط وحي الله ، وأمناء الله في مشيئته وان فعل أمناءه فعله (٢) ، فقد جعل قلوب الأئمة موردا لإرادته وإذا شاء شيئا شاؤه (٣) والآية تتحملهما معا ، وهما متداخلان في المعصومين ، فهم لا يشاءون أمرا إلا أن يشاءه الله ويحققه ، وليست لهم مشية إلا ما يرضاه الله ، وأما غيرهم فليس لهم إلا المعنى الأول ، وشاهدا على أن الآية تعنيه فيما تعنيه :
(يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) :
فإنه لا يدخل في رحمته إلا من يشاء الدخول في رحمته فيوفقه لها ، فمشيئته للهداية هنا منوطة بمشيئة العباد ، وأما الظالمون ، الذين لا يشاءون رحمته ،
__________________
(١). راجع ص ١٨٠ ج ٣٠ على ضوء الآية «وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ».
(٢) الاحتجاج للطبرسي حديث طويل يقول فيه (ع) .. وفعل ملك الموت فعل الله ، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ، ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
(٣) تفسير البرهان ٤ : ٤١٦ عن الكافي عن أبي الحسن الثالث قال : .. ثم قال : وهو قوله : وما تشاءون إلا أن يشاء الله.