(وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) : قلعت وأزيلت بمتفجرات الزلزال الدكداك ، وبالانفجارات الذرية وسواها آخذة مسيرها الى الدمار والهلاك ، تنسف فلا يبقى إلا سراب وقاع صفصف: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا (١) أَمْتاً) (٢٠ : ١٠٧) (١).
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) : والتوقيت هو تقدير الوقت لوقوع الفعل ، وتأجيله لأجله ، فالرسل عند قيامة الإماتة تؤقّت ، عند الصيحة التي تصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ، وهم ممن شاء الله ، لا يصعقون عن الحياة كلّ الحياة ، مهما كانوا ميتين عن الحياة الدنيا ، فهم في البرزخ أحياء ، والى يوم يبعثون ، لا يصعقهم الفزع الأكبر ، فهم منه آمنون.
فالرسل تؤقّت تأجيلا لقيامة الإحياء ، لتحقيق الوعد الواقع الصادق وليسألوا ماذا فعلوا وماذا أجيبوا ، وسئوال المرسل إليهم ماذا أجابوا : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٧ : ٧) (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (٥ : ١٠٩) (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (٢٨ : ٦٥) تساؤلات وتساؤلات وليشهدوا لهم أو عليهم ، ولأنهم من أكرم الشهداء.
(لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ. لِيَوْمِ الْفَصْلِ) : إن التأقيت التأجيل هو ليوم الفصل : الفصل بين المختلفين ، وبين المتصلين بالقرابات ، وفصل الحق عن الباطل ، والفصل عن الأعمال والآمال : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) (٧٨ : ١٧) للناس عامة ، وللرسل بوجه خاص ، وتوقيت لأجل معلوم.
__________________
(١) راجع سورة النبأ ج ٣٠ ص ٣٩.