فيجيبه : «ليس للمحال جواب» يعني بذلك : أن المحال ليس شيئا يذكر فيسأل عنه ، فلو أن الله أظهر نفسه فلتره العيون بمشاهدة الأبصار ، وفي ذلك تحول المجرد عن اللامادة إلى المادة ، لكي تشاهد ، وهذا محال!.
كما يسأل الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام : «هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر الدنيا أو تكبر البيضة؟ قال : إن الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز ، والذي سألته لا يكون» (١).
وإن كان هنا وجه آخر للجواب ، فهو عن وجه آخر للسؤال وكما أجاب علي عليه السلام نفسه عن نفس السؤال : «ويلك إن الله لا يوصف بالعجز ، ومن أقدر ممن يلطّف الأرض ويعظّم البيضة» (٢).
يعني الحالة الممكنة في موضع السؤال : أن يلطف الله الأرض عن حجمها برفع الخلل والفواصل عن عناصرها وجزئياتها وذراتها ، ودمجها كما يمكن ، فتصبح قدر البيضة فيدخلها فيها ، فالبيضة إذا لا تكبر حجما مهما كبرت ثقلا ، كما الدنيا لا تصغر ثقلا مهما صغرت حجما ، فهذه هي الحالة الممكنة من إدخال الأرض البيضة ، بتلطيف الأرض حجما وتكبير البيضة ثقلا!.
ثم استحالة تعلق القدرة الإلهية قد تكون ذاتية عقلية كالأمثلة المسبقة ، وقد تكون واقعية كصدور القبيح منه سبحانه ، أو خلق المرجوح كونيا ، وحسب المصلحة الجماعية للكائنات أو للمكلفين كالمقترحين المعجزات تعنتا ولجاجا : (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٦ : ٣٧). فالأخيران ـ رغم إمكانيتهما ذاتيا ، وبالنسبة للقدرات المحدودة أيضا ـ
__________________
(١) نور الثقلين ج ١ ص ٣٢ عن التوحيد للصدوق عن عمر بن أذينة عنه (ع).
(٢) نور الثقلين ج ١ ص ٣٢ عن ابان بن تغلب عن الصادق (ع) عنه (ع).