(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى. وَثَمُودَ فَما أَبْقى) (٥٣ : ٥١) (١).
(وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) : (صَرْصَرٍ) بالغة في الصّر والبرد ، عاتية : شديدة الهبوب والغلب وعلى حدّ تفسير الرسول الأقدس «ص» : «غالبة» (٢) ، عتت على خزانها. وكما يروى عنه «ص» : «ما خرجت ريح قط إلا بمكيال إلا زمن عاد فانها عتت على خزانها ، فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد» (٣) كذلك. وعتت في غلبها عليهم فلم يجدوا عنها محيصا ، وعتت عليهم كما عتوا عن أمر ربهم ، عاتية في كافة مراحلها إلا عتو البغي ، (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
إنها كانت ريحا عقيما لا تخلّف إلا عقم الحياة بفور الممات : (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) (٥١ : ٤٢) : ريح عذاب لا تلقح شيئا من الأرحام ولا شيئا من النبات ، وما خرجت إلا على قوم عاد (٤).
(سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) :
هذه الريح الصرصر العاتية العقيم ، سلطت على هؤلاء الأوغاد في مثل هذه الليالي والأيام الحسوم : حسوما بصرصرها ، إذ حسمت وقطعت وأزالت كافة آثار الطغيان وكما تحسم المكواة بكرورها آثار الفوضى في الثياب ، فقد حسمت الريح الصرصر العاتية فوضويين طغاة مكابرين (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ)؟.
__________________
(١) ذكرت ثمود في ٢٦ موضعا من القرآن مع طغاة كامثالهم ، كما ذكرت عاد ٢٤ مرة.
(٢) الدر المنثور ٦ : ٢٥٩ ـ ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) في حديث قال الله تعالى : بريح صرصر عاتية ، قال : غالبة.
(٣) نور الثقلين ٥ : ٤٠١ من لا يحضره الفقيه» قال رسول الله (ص).
(٤) نور الثقلين ٥ : ٤٠١ عن روضة الكافي باسناده الى الباقر (ع) وهو حديث طويل.