تأكل في أرض الله ، وهو في موضع الحال بمعنى آكلة (وَبَوَّأَكُمْ) ونزلكم. والمباءة : المنزل (فِي الْأَرْضِ) في أرض الحجر بين الحجاز والشام (مِنْ سُهُولِها قُصُوراً) أى تبنونها من سهولة الأرض بما تعملون منها من الرهص (١) واللبن والآجر. وقرأ الحسن : وتنحتون بفتح الحاء وتنحاتون بإشباع الفتحة ، كقوله :
يَنْبَاعُ مِنْ ذَفْرَى أَسِيلٍ حُرَّةٍ (٢)
فإن قلت : علام انتصب (بُيُوتاً)؟ قلت : على الحال ، كما تقول : خط هذا الثوب قميصاً وأبر هذه القصبة قلما ، وهي من الحال المقدّرة ، لأن الجبل لا يكون بيتاً في حال النحت ، ولا الثوب ولا القصبة قميصاً وقلما في حال الخياطة والبرى. وقيل : كانوا يسكنون السهول في الصيف والجبال في الشتاء.
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٧٦) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى
__________________
ـ المذكورين «أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عليا ، فقال له في الأول : عاقر الناقة ، قال صدقت. وقال في الثانية «لا علم لي» وفي رواية جابر بن سمرة «الله أعلم».
(١) قوله «من الرهص» هو الصخر الثابت في أسفل الحائط. ا ه من الصحاح. (ع)
(٢) وكان ربا أو كحيلا معقدا |
|
حش الوقود به جوانب قمقم |
ينباع من ذفرى أسيل حرة |
|
زيافة مثل الفنيق المكرم |
لعنترة بن شداد العبسي من معلقته ، يصف عرق ناقته من السير ، فشبه بالرب ، وهو العصير والطلاء. أو بالكحيل وهو القطران المنعقد بالنار على جوانب القمقم. وأعقدت الدواء : أغليته حتى خثر. وحش الوقود : أشعله وأوقده. وهو هنا مبنى للمجهول وأصل «ينباع» ينبع ، فتولدت الألف للأشباع ، والذفرى : نقرة منخفضة جنب الأذن ، إذا طال سير البعير انتفخ من وسطها جلدة وارتفعت وسال منها العرق في النقرة ، وهي المشبهة بالقمقم سابقاً. وقيل الذفرى أصل الأذن. والأسيل : الناقة المستقيمة الخلق ، من قولهم : خد أسيل ، وكف أسيل ، وحر كل شيء : خالصه. زيافة : كثيرة الزيف وهو التبختر في السير. والفنيق : فحل الإبل المكرم باعفائه عن العمل لأجل الضراب ، فالمكرم : نعت مفسر. ويروى المكدم بالدال. ويقال : كدمه إذا عضه. وأما أكدمه فلم أقف عليها ، ولعلها لغة قليلة. والمكدم اسم مفعول منها ، أى الذي كدمته الفحول وعضته فأثرت فيه لتنقب جلدها من أثر الرحل والركض. وروى : من ذفرى غضوب جسرة ، أى شديدة الغضب صلبة موثقة الخلق. وقيل «ينباع» وزنه «ينفعل» من البوع ، وهو طى المسافة البعيدة ، ولا معنى له في البيت.