نقص من الحدّ سوطا ، فيقول : رحمة لعبادك ، فيقال له : أأنت أرحم بهم منى ، فيؤمر به إلى النار. ويؤتى بمن زاد سوطا فيقول لينتهوا عن معاصيك فيؤمر به إلى النار (١)» وعن أبى هريرة : إقامة حدّ بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة (٢). وعلى الإمام أن ينصب للحدود رجلا عالما بصيرا يعقل كيف يضرب. والرجل يجلد قائما على مجرّده (٣) ليس عليه إلا إزاره ، ضربا وسطا لا مبرحا ولا هينا ، مفرّقا على الأعضاء كلها لا يستثنى منها إلا ثلاثة : الوجه ، والرأس ، والفرج. وفي لفظ الجلد : إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم. والمرأة تجلد قاعدة ، ولا ينزع من ثيابها إلا الحشو والفرو ، وبهذه الآية استشهد أبو حنيفة على أن الجلد حدّ غير المحصن بلا تغريب. وما احتج به الشافعي على وجوب التغريب من قوله صلى الله عليه وسلم «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام (٤)» وما يروى عن الصحابة : أنهم جلدوا ونفوا (٥) : منسوخ عنده وعند أصحابه بالآية. أو محمول على وجه التعزير والتأديب من غير وجوب. وقول الشافعي في تغريب الحرّ واحد ، وله في العبد ثلاثة أقاويل : يغرب سنة كالحرّ ، ويغرب نصف سنة كما يجلد خمسين جلدة ، ولا يغرب كما قال أبو حنيفة. وبهذه الآية نسخ الحبس الأذى في قوله تعالى : (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ) ، وقوله تعالى (فَآذُوهُما). قيل : تسميته عذابا دليل على أنه عقوبة. ويجوز أن يسمى عذابا ، لأنه يمنع من المعاودة كما سمى نكالا.
الطائفة : الفرقة التي يمكن أن تكون حلقة ، وأقلها ثلاثة أو أربعة ، وهي صفة غالبة كأنها الجماعة الحافة حول الشيء. وعن ابن عباس في تفسيرها : أربعة إلى أربعين رجلا من المصدقين بالله. وعن الحسن : عشرة. وعن قتادة : ثلاثة فصاعدا. وعن عكرمة : رجلان فصاعدا. وعن مجاهد : الواحد فما فوقه. وفضل قول ابن عباس ، لأن الأربعة هي الجماعة التي يثبت بها هذا الحد والصحيح أن هذه الكبيرة من أمّهات الكبائر ، ولهذا قرنها الله بالشرك وقتل النفس في قوله
__________________
(١) لم أجده بهذا اللفظ وعند أبى يعلى من رواية عمرو بن ضرار عن حذيفة مرفوعا «يؤتى بالذي ضرب فوق الحد فيقول له الله تعالى : عبدى ، لم ضربته فوق الحد؟ فيقول غضبا لك. فيقول : أكان غضبك أشد من غضبي. ويؤتى بالذي قصر فيقول عبدى لم قصرت؟ فيقول : رحمته. فيقول أكانت رحمتك أشد من رحمتي. ثم يؤمر بهما جميعا إلى النار»
(٢) أخرجه النسائي من طريق أبى زرعة عنه موقوفا وأخرجه النسائي أيضا وابن حبان وأحمد وابن ماجة والطبرانى من هذا الوجه مرفوعا. وقال «أربعين صباحا» ولأحمد «ثلاثين أو أربعين صباحا» وفي الباب عن ابن عمر ، أخرجه ابن ماجة بلفظ «إقامة حد من حدود الله تعالى خير من مطر أربعين ليلة»
(٣) قوله «على مجرده» في الصحاح : فلان حسن المجرد ، أى : المعرى اه ، أى : المكشوف عن الثياب. (ع)
(٤) أخرجه مسلم وأصحاب السنن من حديث عبادة بن الصامت في أثناء حديث
(٥) أخرجه الترمذي والحاكم من حديث ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب ، وأن أبا بكر ضرب وغرب ، وأن عمر ضرب وغرب.