(وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) ، وقال : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) وعن النبي صلى الله عليه وسلم «يا معشر الناس اتقوا الزنى فإن فيه ست خصال: ثلاث في الدنيا ، وثلاث في الآخرة. فأما اللاتي في الدنيا : فيذهب البهاء ؛ ويورث الفقر ، وينقص العمر. وأما اللاتي في الآخرة : فيوجب السخطة ، وسوء الحساب ، والخلود في النار» (١) ولذلك وفي الله فيه عقد المائة بكماله ، بخلاف حد القذف وشرب الخمر. وشرع فيه القتلة الهولة وهي الرجم ، ونهى المؤمنين عن الرأفة على المجلود فيه ، وأمر بشهادة الطائفة للتشهير ، فوجب أن تكون طائفة يحصل بها التشهير ، والواحد والاثنان ليسوا بتلك المثابة ، واختصاصه المؤمنين لأن ذلك أفضح ، والفاسق بين صلحاء قومه أخجل. ويشهد له قول ابن عباس رضى الله عنهما : إلى أربعين رجلا من المصدقين بالله.
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)(٣)
الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنى والتقحب ، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء واللاتي على خلاف صفته ، وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله ، أو في مشركة. والفاسقة الخبيثة المسافحة. كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها ، وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أو المشركين. ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنى : محرّم عليه محظور ؛ لما فيه من التشبه بالفساق ، وحضور موقع التهمة ، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة وأنواع المفاسد. ومجالسة الخطائين كم فيها من التعرّض لاقتراف الآثام ، فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب ، وقد نبه على ذلك بقوله (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) وقيل : كان بالمدينة موسرات من بغايا المشركين ، فرغب فقراء المهاجرين في نكاحهنّ ، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت. وعن عائشة رضى الله عنها أن الرجل إذا زنى بامرأة ، ليس له أن يتزوجها
__________________
(١) أخرجه البيهقي في الشعب في السابع والثلاثين وابن مردويه وابن أبى حاتم وأبو نعيم في الحلية في ترجمة أبى وائل عن حذيفة ، بلفظ «يا معشر الناس» وفي آخره : ثم تلا (أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) قال أبو نعيم : تفرد به مسلمة بن على الحسنى عن أبى عبد الرحمن الكوفي عن الأعمش وهو ضعيف ، وقال البيهقي : مسلمة متروك. وعبد الرحمن مجهول ، وأخرجه الثعلبي من رواية معاوية بن يحيى عن الأعمش فيحتمل أن يكون هو أبو عبد الرحمن المذكور. وفي الباب عن أنس أخرجه الخطيب وابن الجوزي من طريقه وفي إسناده كعب بن عمرو بن جعفر وهو غير ثقة. ورواه الواحدي في الوسيط غالبا من طريق أبى الدنيا الأشج عن على مرفوعا والأشج ادعى أنه سمع من على بعد الثلاثمائة فسمع منه أبو بكر المفيد وغيره وأخباره معروفة.