(وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)(٣٤)
الضر : الشدّة من هزال أو مرض أو قحط أو غير ذلك. والرحمة : الخلاص من الشدّة. واللام في (لِيَكْفُرُوا) مجاز مثلها في (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا). (فَتَمَتَّعُوا) نظير (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ)(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) وبال تمتعكم. وقرأ ابن مسعود : وليتمتعوا.
(أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ)(٣٥)
السلطان : الحجة ، وتكلمه. مجاز ، كما تقول : كتابه ناطق بكذا ، وهذا مما نطق به القرآن. ومعناه : الدلالة والشهادة ، كأنه قال : فهو يشهد بشركهم وبصحته. وما في (بِما كانُوا) مصدرية أى : بكونهم بالله يشركون. ويجوز أن تكون موصولة ويرجع الضمير إليها. ومعناه : فهو يتكلم بالأمر الذي يسببه يشركون. ويحتمل أن يكون المعنى : أم أنزلنا عليهم ذا سلطان ، أى : ملكا معه برهان فذلك الملك يتكلم بالبرهان الذي بسببه يشركون.
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)(٣٦)
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً) أى نعمة من مطر أو سعة أو صحة (فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) أى بلاء من جدب أو ضيق أو مرض ـ والسبب فيها شؤم معاصيهم ـ قنطوا من الرحمة.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٣٧)
ثم أنكر عليهم بأنهم قد علموا أنه هو الباسط القابض ، فما لهم يقنطون من رحمته ، وما لهم لا يرجعون إليه تائبين من المعاصي التي عوقبوا بالشدّة من أجلها ، حتى يعيد إليهم رحمته.
(فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٣٨)
حق ذى القربى : صلة الرحم. وحق المسكين وابن السبيل : نصيبهما من الصدقة المسماة لهما.