أبطأت عنا السماء ، فمتى تمطر؟ وأخبرنى عن امرأتى فقد اشتملت ما في بطنها ، أذكر أم أنثى؟ وإنى علمت ما علمت أمس ، فما أعمل غدا؟ وهذا مولدي قد عرفته ، فأين أموت (١)؟ فنزلت وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «مفاتح الغيب خمس» (٢) وتلا هذه الآية. وعن ابن عباس رضى الله عنهما : من ادعى علم هذه الخمسة فقد كذب ، إياكم والكهانة فإن الكهانة تدعو إلى الشرك والشرك وأهله في النار. وعن المنصور أنه أهمه معرفة مدّة عمره ، فرأى في منامه كأن خيالا أخرج يده من البحر وأشار إليه بالأصابع الخمس ، فاستفتى العلماء في ذلك ، فتأوّلوها بخمس سنين ، وبخمسة أشهر ، وبغير ذلك ، حتى قال أبو حنيفة رحمه الله : تأويلها أنّ مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ، وأن ما طلبت معرفته لا سبيل لك إليه (عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) أيان مرساها (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) في إبانه من غير تقديم ولا تأخير ، وفي بلد لا يتجاوزه به (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) أذكر أم أنثى ، أتام أم ناقص ، وكذلك ما سوى ذلك من الأحوال (وَما تَدْرِي نَفْسٌ) برّة أو فاجرة (ما ذا تَكْسِبُ غَداً) من خير أو شر ، وربما كانت عازمة على خير فعملت شرا ، وعازمة على شر فعملت خيرا (وَما تَدْرِي نَفْسٌ) أين تموت ، وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت : لا أبرحها وأقبر فيها ، فترمى بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها ، ولا حدّثتها به ظنونها. وروى أنّ ملك الموت مرّ على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه ، فقال الرجل من هذا؟ قال : ملك الموت ، فقال : كأنه يريدني. وسأل سليمان أن يحمله على الريح ويلقيه ببلاد الهند ، ففعل ، ثم قال ملك الموت لسليمان كان دوام نظري إليه تعجبا منه ، لأنى أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك (٣). وجعل العلم لله والدراية للعبد ، لما في الدراية من معنى الختل والحيلة. والمعنى : أنها لا تعرف ـ وإن أعملت حيلها ـ ما يلصق بها ويختص ولا يتخطاها ، ولا شيء أخص بالإنسان من كسبه وعاقبته ، فإذا لم يكن له طريق إلى معرفتهما ، كان من معرفة ما عداهما أبعد. وقرئ : بأية أرض. وشبه سيبويه تأنيث «أىّ» بتأنيث «كل» في قولهم : كلتهنّ.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة وأعطى من الحسنات عشرا عشرا بعدد من عمل بالمعروف ونهى عن المنكر (٤).
__________________
(١) هكذا ذكره الواحدي والثعلبي بغير سند. وأخرجه الطبري وابن أبى حاتم من طريق ابن أبى نجيح عن مجاهد ، قال «جاء رجل من أهل البادية فقال يا محمد إن امرأتى حبلى فأخبرنى متى تلد؟ فذكره»
(٢) أخرجه البخاري من حديث ابن عمر
(٣) موقوف. رواه أحمد في الزهد وابن أبى شيبة قالا حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن خيثمة عن شهر بن حوشب قال «دخل ملك الموت ، فذكره»
(٤) أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي بأسانيدهم عن أبى بن كعب.