قلت ، نعم عند أبى حنيفة وأصحابه حكم الخلوة الصحيحة حكم المساس ، وقوله (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) دليل على أن العدة حق واجب على النساء للرجال (تَعْتَدُّونَها) تستوفون عددها ، من قولك : عددت الدراهم فاعتدها ، كقولك. كلته فأكتاله ، ووزنته فاتزنه. وقرئ : تعتدونها ، مخففا ، أى : تعتدون فيها «كقوله :
ويوم شهدناه (١)
والمراد بالاعتداد ما في قوله تعالى (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا). فإن قلت : ما هذا التمتيع أواجب أم مندوب إليه؟ قلت إن كانت غير مفروض لها كانت المتعة واجبة ، ولا تجب المتعة عند أبى حنيفة إلا لها وحدها دون سائر المطلقات ، وإن كانت مفروضا لها ، فالمتعة مختلف فيها : فبعض على الندب والاستحباب ، ومنهم أبو حنيفة. وبعض على الوجوب (سَراحاً جَمِيلاً) من غير ضرار ولا منع واجب.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠) تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً)(٥١)
(أُجُورَهُنَ) مهورهنّ ، لأنّ المهر أجر على البضع. وإيتاؤها : إما إعطاؤها عاجلا. وإما فرضها وتسميتها في العقد. فإن قلت : لم قال : (اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) و (مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) و (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) وما فائدة هذه التخصيصات؟ قلت : قد اختار الله لرسوله الأفضل الأولى ، واستحبه بالأطيب الأزكى ، كما اختصه بغيرها من الخصائص ، وآثره بما سواها من الأثر ، وذلك أنّ تسمية المهر في العقد أولى وأفضل من ترك التسمية ، وإن وقع العقد جائزا ، وله أن
__________________
(١) تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الثاني صفحة ٤٠٨ فراجعه إن شئت اه مصححه.