(يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)(٦٣)
كان المشركون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة استعجالا على سبيل الهزء ، واليهود يسألونه امتحانا ، لأن الله تعالى عمى وقتها في التوراة وفي كل كتاب ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به ، لم يطلع عليه ملكا ولا نبيا ، ثم بين لرسوله أنها قريبة الوقوع ، تهديدا للمستعجلين ، وإسكانا للممتحنين (قَرِيباً) شيئا قريبا. أو لأن الساعة في معنى اليوم ، أو في زمان قريب.
(إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)(٦٥)
السعير : النار المسعورة الشديدة الإيقاد.
(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) (٦٦)
وقرئ : تقلب ، على البناء للمفعول. وتقلب ، بمعنى تتقلب. ونقلب ، أى : نقلب نحن. وتقلب ، على أن الفعل للسعير (١). ومعنى تقليبها : تصريفها في الجهات ، كما ترى البضعة تدور في القدر إذا غلت فترامى بها الغليان من جهة إلى جهة. أو تغييرها عن أحوالها وتحويلها عن هيئاتها. أو طرحها في النار مقلوبين منكوسين. وخصت الوجوه بالذكر ، لأن الوجه أكرم موضع على الإنسان من جسده. ويجوز أن يكون الوجه عبارة عن الجملة ، وناصب الظرف (يَقُولُونَ) أو محذوف. وهو «اذكر» وإذا نصب بالمحذوف كان (يَقُولُونَ) حالا.
(وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)(٦٨)
وقرئ : سادتنا وساداتنا : وهم رؤساء الكفر الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم. يقال : ضلّ السبيل وأضله إياه ، وزيادة الألف لإطلاق الصوت : جعلت فواصل الآي كقوافى الشعر ، وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع ، وأن ما بعده مستأنف. وقرئ : كثيرا ، تكثيرا لإعداد اللعائن. وكبيرا ، ليدل على أشد اللعن وأعظمه (ضِعْفَيْنِ) ضعفا لضلاله وضعفا لإضلاله : يعترفون ، ويستغيثون ، ويتمنون ، ولا ينفعهم شيء من ذلك.
__________________
(١) قوله «على أن الفعل للسعير ، يعنى : وجوههم ، بالنصب. (ع)