شاهد كأشراف جمع شريف ، وقيل : جمع شاهد بناء على أن فاعلا قد يجمع على أفعال ، وبعض من لم يجوز يقول : هو جمع شهد بالسكون اسم جمع لشاهد كما قالوا في صحب بالسكون اسم جمع لصاحب ، وفسر بعضهم (الْأَشْهادُ) بالجوارح وليس بذاك ، وهو عليهما من الشهادة ، وقيل : هو من المشاهدة بمعنى الحضور.
وفي الحواشي الخفاجية أن النصرة في الآخرة لا تتخلف أصلا بخلافها في الدنيا فإن الحرب فيها سجال وإن كانت العاقبة للمتقين ولذا دخلت (فِي) على (الْحَياةِ الدُّنْيا) دون قرينه لأن الظرف المجرور بفي لا يستوعب كالمنصوب على الظرفية كما ذكره الأصوليون انتهى ، وفيه بحث.
وقرأ ابن هرمز وإسماعيل وهي رواية عن أبي عمرو «تقوم» بتاء التأنيث على معنى جماعة الإشهاد. (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) بدل من (يَوْمَ يَقُومُ) و (لا) قيل : تحتمل أن تكون لنفي النفع فقط على معنى أنهم يعتذرون ولا ينفعهم معذرتهم لبطلانها وتحتمل أن تكون لنفي النفع والمعذرة على معنى لا تقع معذرة لتنفع ، وفي الكشاف يحتمل أنهم يعتذرون بمعذرة ولكنها لا تنفع لأنها باطلة وأنهم لو جاءوا بمعذرة لم تكن مقبولة لقوله تعالى : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات : ٣٦] وأراد على ما في الكشف أن عدم النفع إما لأمر راجع إلى المعذرة الكائنة وهو بطلانها ، وإما لأمر راجع إلى من يقبل العذر ولا نظر فيه إلى وقوع العذر ؛ والحاصل أن المقصود بالنفي الصفة ولا نظر فيه إلى الموصوف نفيا أو إثباتا ، وليس في كلامه إشارة إلى إرادة نفيهما جميعا فتدبر ، وقرأ غير الكوفيين ونافع «لا تنفع» بالتاء الفوقية ، ووجهها ظاهر ، وأما قراءة الياء فلأن المعذرة مصدر وتأنيثه غير حقيقي مع أنه فصل عن الفعل بالمفعول (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) أي البعد من الرحمة.
(وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) هي جهنم وسوؤها ما يسوء فيها من العذاب فإضافته لأمية أو هي من إضافة الصفة للموصوف أي الدار السوأى ، ولا يخفى ما في الجملتين من إهانتهم والتهكم بهم (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى) ما يهتدى به من المعجزات والصحف والشرائع فهو مصدر تجوز به عما ذكر أو جعل عين الهدى مبالغة فيه.
(وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) تركنا عليهم بعد وفاته عليهالسلام من ذلك التوراة فالإيراث مجاز مرسل عن الترك أو هو استعارة تبعية له ، ويجوز أن يكون المعنى جعلنا بني إسرائيل آخذين الكتاب عنه عليهالسلام بلا كسب فيشمل من في حياته عليهالسلام كما يقال : العلماء ورثة الأنبياء ، وهو وجه إلا أن اعتبار بعد الموت أوفق في الإيراث والعلاقة عليه أتم ، وإرادة التوراة من الكتاب هو الظاهر ، وجوز أن يكون المراد به جنس ما أنزل على أنبيائهم فيشمل التوراة والزبور والإنجيل (هُدىً وَذِكْرى) هداية وتذكرة أي لأجلهما أو هاديا ومذكرا فهما مصدران في موضع الحال (لِأُولِي الْأَلْبابِ) لذوي العقول السليمة الخالصة من شوائب الوهم ، وخصوا لأنهم المنتفعون به (فَاصْبِرْ) أي إذا عرفت ما قصصناه عليك للتأسي فاصبر على ما نالك من أذية المشركين (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) إياك والمؤمنين بالنصر المشار إليه بقوله سبحانه : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) أو جميع مواعيده تعالى ويدخل فيه وعده سبحانه بالنصر دخولا أوليا (حَقٌ) لا يخلفه سبحانه أصلا فلا بد من وقوع نصره جل شأنه لك وللمؤمنين ، واستشهد بحال موسى ومن معه وفرعون ومن تبعه (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) أقبل على أمر الدين وتلاف ما ربما يفرط مما يعد بالنسبة إليك ذنبا وإن لم يكنه ، ولعل ذلك هو الاهتمام بأمر العدا بالاستغفار فإن الله تعالى كافيك في النصر وإظهار الأمر ، وقيل : (لِذَنْبِكَ) لذنب أمتك في حقك ، قيل : فإضافة المصدر للمفعول (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) أي ودم على التسبيح والتحميد لربك على أنه عبر بالطرفين وأريد جميع الأوقات ، وجوز أن يراد خصوص الوقتين ، والمراد بالتسبيح معناه الحقيقي كما في الوجه الأول أو الصلاة ، قال قتادة : أريد صلاة الغداة وصلاة العصر ، وعن الحسن أريد ركعتان بكرة