ابن عباس فرحون ، وأخرجوا عن مجاهد أن المعنى يتعجبون بما هم فيه.
وقال أبو زيد : الفاكه الطيب النفس الضحوك ولم يسمع له فعل من الثلاثي ، وقال أبو مسلم : إنه مأخوذ من الفكاهة بالضم وهي التحدث بما يسر ، وقيل التمتع والتلذذ قيل (فاكِهُونَ) ذوو فاكهة نحو لابن وتامر.
وظاهر صنيع أبي حيان اختياره ، والتعبير عن حالهم هذه بالجملة الاسمية قبل تحققها لتنزيل المترقب المترفع منزلة الواقع للإيذان بغاية سرعة تحققها ووقوعها ، وفيه على تقدير خصوص الخطاب زيادة لمساءة المخاطبين.
وقرأ الحرميان وأبو عمرو «شغل» بضم الشين وسكون الغين وهي لغة في شغل بضمتين للحجازيين ما قال الفراء.
وقرأ مجاهد وأبو السمال وابن هبيرة فيما نقل عنه ابن خالويه بفتحتين ، ويزيد النحوي وابن هبيرة أيضا فيما نقل عنه أبو الفضل الرازي بفتح الشين وإسكان الغين وهما لغتان أيضا فيه.
وقرأ الحسن وأبو جعفر وقتادة وأبو حيوة ومجاهد وشيبة وأبو رجاء ويحيى بن صبيح ونافع في رواية «فاكهون» جمع فكه كحذر وحذرون وهو صفة مشبهة تدل على المبالغة والثبوت ، وقرأ طلحة والأعمش «فاكهين» بالألف وبالياء نصبا على الحال (١) و (فِي شُغُلٍ) هو الخبر ، وقرئ «فكهين» بغير ألف وبالياء كذلك ، وقرئ «فكهون» بفتح الفاء وضم الكاف وفعل بضم العين من أوزان الصفة المشبهة كنطس وهو الحاذق الدقيق النظر الصادق الفراسة ، وقوله تعالى : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) استئناف مسوق لبيان كيفية شغلهم وتفكههم وتكميلها بما يزيدهم بهجة وسرورا من شركة أزواجهم ، فهم مبتدأ و (أَزْواجُهُمْ) عطف عليه و (مُتَّكِؤُنَ) خبر والجار أن صلة له قيل قدما عليه لمراعاة الفواصل أو هو والجاران بما تعلقا به من الاستقرار أخبار مترتبة ، وجوز أن يكون الخبر هو الظرف الأول والظرف الثاني متعلق بمتكئون وهو خبر مبتدأ محذوف أي هم متكئون على الأرائك أو الظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم و (مُتَّكِؤُنَ) مبتدأ مؤخر والجملة على الوجهين استئناف بياني ، وقيل (هُمْ) تأكيد للمستكن في خبر إن أعني فاكهون أو في شغل.
ومنعه بعضهم زعما منه أن فيه الفصل بين المؤكد والمؤكد بأجنبي و (مُتَّكِؤُنَ) خبر آخر لها و (عَلَى الْأَرائِكِ) متعلق به وكذا (فِي ظِلالٍ) أو هو متعلق بمحذوف هو حال من المعطوف والمعطوف عليه ، ومن جوز مجيء الحال من المبتدأ جوز هذا الاحتمال على تقدير أن يكون (هُمْ) مبتدأ أيضا ، والظلال جمع ظل وجمع فعل على فعال كثير كشعب وشعاب وذئب وذئاب ، ويحتمل أن يكون جمع ظلة بالضم كقبة وقباب وبرمة وبرام ، وأيد بقراءة عبد الله والسلمي وطلحة وحمزة والكسائي «في ظلل» بضم ففتح فإنه جمع ظلة لا ظل والأصل توافق القراءات ، ومنذر بن سعيد يقول : مع ظلة بالكسر وهي لغة في ظلة بالضم فيكون كلقحة ولقاح وهو قليل.
وفسر الإمام الظل بالوقاية عن مظان الألم ؛ ولأهل الجنة من ظل الله تعالى ما يقيهم الأسواء والجمع باعتبار ما لكل واحد منهم من ذلك أو هو متعدد للشخص الواحد باعتبار تعدد ما منه الوقاية. ويحتمل أنه جمع باعتبار كونه عظيم الشأن جليل القدر كجمع اليد بمعنى القدرة على قول في قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) [الذاريات : ٤٧].
وفسر أبو حيان الظلال جمع ظلة بالملابس ونحوها من الأشياء التي تظل كالستور ، وأقول قال ابن الأثير : الظل الفيء الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أي شيء كان ، وقيل هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس وما
__________________
(١) في الظرف أي من المستكن اه.