ثم استدعى بسراويل من حبرة يمانية يلمع فيها البصر ففزرها ولبسها وانما فزرها لئلا يسلبها بعد قتله ، فلما قتل عليهالسلام سلبها منه بحر (ابجر خ ل) ابن كعب وتركه مجردا ، فكانت يدا بحر بعد ذلك تيبسان في الصيف كأنهما عودان وترطبان في الشتاء فتنضحان دما وقيحا الى ان أهلكه الله تعالى.
وأقبل الحسين عليهالسلام على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة الذين معه يحمونه حتى قتل الثلاثة وبقي وحده وقد أثخن بالجراح في رأسه وبدنه فجعل يضاربهم بسيفه ، وحمل الناس عليه عن يمينه وشماله ، فحمل على الذين عن يمينه فتفرقوا ، ثم حمل على الذين عن يساره فتفرقوا.
قال بعض الرواة : فو الله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه اربط جأشا ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه ، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، وان كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وعن شماله انكشاف المعزى اذا شد فيها الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم وقد تكملوا ثلاثين ألفا فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ، ثم يرجع الى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوة الا بالله.
فلما رأى شمر ذلك استدعى الفرسان فصاروا في ظهور الرجالة ، وأمر الرماة ان يرموه فرشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ فاحجم عنهم فوقفوا بازائه ، وجاء شمر في جماعة من أصحابه فحالوا بينه وبين رحله الذي فيه ثقله وعياله ، فصاح الحسين عليهالسلام ويلكم يا شيعة آل ابي سفيان ان لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا احرار في دنياكم هذه وارجعوا الى احسابكم ان كنتم عربا كما تزعمون ، فناداه شمر ما تقول يا ابن فاطمة ، فقال : أقول اني أقاتلكم وتقاتلونني والنساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم وجهالكم وطغاتكم من التعرض لحرمي ما دمت حيا ، فقال شمر : لك ذلك يا ابن فاطمة ، ثم صاح اليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه فلعمري هو